بل يكون العام متّبعا بعمومه لكونه في نفسه حجّة وعدم وجدان حجّة أقوى في قباله ؛ فإنّ المجمل ليس بحجّة ، وعلى الثاني يسري الإجمال منه إلى العام كما مرّ بيانه فيما تقدّم فراجع.
والحقّ أن يقال : إنّه ينبغي القطع بالشقّ الثاني وهو حجيّة أصالة عدم القرينة فيما يكون من القرائن والقيود والمخصّصات متّصلة بالكلام ، حيث إنّ المجموع كلام واحد ، فلا يستقرّ لبعض أجزائه ظهور في معنى إلّا بعد إحراز عدم وجود ظهور أقوى منه في لو احق هذا الكلام يكون قرينة على صرف ذلك الظهور البدوي عن مقتضاه ، وأمّا فيما يكون منها منفصلا عن الكلام فينبغي التفصيل بين متكلّم يكون غرضه مقصورا على تحصيل الأغراض الشخصيّة وبين من يتكلّم في تأسيس القوانين لإصلاح امور العامّة ، ففي الأوّل تكون المتّبع أصالة الحقيقة وأصالة العموم ، وفي الثاني هو أصالة عدم القرينة وعدم التخصيص ، ووجه الفرق هو استقرار الظهور في الأوّل بمجرّد انقضاء الكلام بدون انتظار شيء آخر وعدم استقراره في الثاني وكونه مراعى إلى أن يظهر عدم القرينة.
«فصل»
في جواز تخصيص العام الكتابي بخبر الواحد ، لا إشكال في أنّ حال هذا المخصّص بالنسبة إلى هذا العام حال سائر المخصّصات المنفصلة بالنسبة إلى سائر العمومات في أنّه لو قلنا بأنّ الإجمال لا يسري منها إلى العام لو كانت مجملة وأنّ المعتبر أصالة العموم ولا يلزم إحراز عدم التخصيص ، وتقديم المخصّص المنفصل يكون من باب تقديم الحجّة الأقوى.
فحينئذ لا بدّ فيما إذا كان العام قطعيّ الصدور سواء كان كتابيا أم متواترا أم آحاديّا محفوفا بالقرينة القطعيّة والخاص ظنيّة من ملاحظة دليل اعتبار الظهور في العام مع دليل اعتبار السند في الخاص وملاحظة الأقوى منهما وترجيحه.
لا يقال : السند والدلالة ليسا في عرض واحد ، فلا معارضة بينهما ؛ إذ الدلالة فرع