جعله في موضوع المشكوك وهو المسمّى بالظاهري ودفعنا ما أورده ابن قبة على هذا الحكم من تفويت المصلحة أو الإيقاع في المفسدة أو اجتماع الضدّين بأنّهما حكمان طوليّان ، فليس بينهما التنافي وكلّ منهما في موضوع نفسه حكم واقعي.
وحينئذ نقول : من الممكن أن يكون الحكم الذي تكفّله تلك العمومات بالنسبة إلى بعض الأفراد حكما واقعيّا وبالنسبة إلى بعضها ظاهريّا ، غاية الأمر أنّه لم يصرّح في هذا البعض باسم الشكّ لأجل كونه حاصلا ؛ إذ المكلّف كان شاكّا في حكم هذا الفرد ولم يرتفع شكّه بمجرّد ورود العام لاحتمال التخصيص ، بل هو باق إلى أن يظهر الخاص ، فبظهوره يرتفع ويكون الخاص بيانا للحكم الواقعي لهذا الفرد.
وحينئذ يرتفع الإشكال بحذافيره ، أمّا عدم البيان للحكم الواقعي لهذا الفرد وتأخيره إلى زمان ورود الخاص فهو نظير عدم بيان حكم سائر الموضوعات الغير المبيّنة حكمها كشرب التتن ، وأمّا بيان الخلاف فلأنّه حكم واقعي متعلّق بموضوع الشاك وهو موضوع آخر غير مرتبط بنفس الواقع ، فليس فيه إغراء بالجهل وإيقاع في المفسدة ، وهذا الوجه يكون كالتخصيص في النتيجة والثمرة ، وأمّا إذا كان الخاص واردا قبل الحضور فهو تخصيص حقيقي بلا كلام كالخاص المقارن.
وملخّص الكلام في المقام أنّ المخصّص المنفصل قد يكون متقدّما على العامّ وقد يكون متأخّرا ، وعلى التقديرين قد يكون المتأخّر واردا قبل حضور وقت العمل بالمتقدّم وقد يكون واردا بعده ، فهذه أربع صور ، وقد يكون التاريخان مشكوكين ، فصورة العلم بتأخّر الخاص سواء كان قبل حضور وقت العمل بالعام أم بعده حيث أن لا ثمر بحسب العمل للخلاف في كونه نسخا أو تخصيصا بالنسبة إلينا لكوننا واقعين في هذه الأزمنة التي هي زمان العمل بالخاص وظهور الثمر بالنسبة إلى المكلّفين الواقعين بعد زمان ورود العام وقبل ورود الخاص لا يوجب الجدوى في البحث بالنسبة إلينا.
وإذن فعدّ هذه الصورة في باب تعارض الأحوال والكلام في أنّ مقتضى