غيرها ؛ فإنّ مقسم الأقسام المذكورة لا يوجد في الذهن إلّا مندكّا في أحد تلك الأقسام ولا يمكن لحاظه بدون لحاظ واحد منها ، ولا بدّ عند الوضع أو الاستعمال من ملاحظة أحد الأقسام والإشارة به إلى الجامع.
وبالجملة كما أنّ معاني الحروف متّصفة بالاحتياج والافتقار في الوجود الذهني إلى المتعلّقات ويكون معان آلية عاجزة مستندة إلى الغير ومربوطة به كاستناد معنى من البصرة إلى مفهوم السير والبصرة وارتباطه بهما ، ولا يكون له وجود إلّا مندكّا في المتعلّقات ، كذلك معاني أسماء الأجناس أيضا تكون متّصفة بالاحتياج والافتقار في الوجود الذهني إلى واحد من الأقسام ولا يوجد إلّا مندكّا في أحدها ، ولكن لا ضير في الالتزام بذلك إذا ساعده الوجدان.
فيمتاز تلك المعاني عن معاني الحروف بأنّ المعنى الحرفي يحتاج إلى محلّ يقوم به ويكون عرضا وحالة له وخصوصيّة من خصوصيّاته ككون معنى من البصرة خصوصيّة لمفهوم السير ، وهذه المعاني تكون مفتقرة إلى شيء آخر يكون هذا الشيء الآخر قائما بتلك المعاني ومن خصوصيّاتها ، وهو إمّا وصف التجرّد أو الاقتران بخصوصيّة وجوديّة أو عدميّة ، فمفهوم من البصرة يحتاج إلى أن تكون خصوصيّة لمفهوم السير ، ومفهوم السير الذي هو معنى للفظ السير يحتاج إلى كون هذه الخصوصيّة خصوصيّة له.
وبالجملة الفرق بين الحروف وهذه الأسماء هو أنّ الاولى موضوعة لمعان يكون أبدا أعراضا في الذهن لغيرها ، والثانية لمعان يكون أبدا معروضات لغيرها ، فيكون حال معاني أسماء الأجناس في الذهن حال معاني أعلام الأشخاص في الخارج ، فكما أنّ موضوعات الأعلام لا ينفكّ في الخارج عن العوارض والحالات الطارئة ، كذلك موضوعات هذه الأسماء لا ينفكّ في الذهن عن الخصوصيّات المقسمة.
ومنها : علم الجنس ، والمعروف بين أهل الأدبيّة أنّ الفرق بينه وبين اسم الجنس أنّ الثاني موضوع لذات الطبيعة فقط ، والأوّل له مع قيد الحضور في الذهن ، والحضور وإن كان من لوازم استعمال اللفظ في المعنى ولا يمكن بدونه إلّا أنّه في اسم الجنس يكون من اللوازم العقليّة للاستعمال ، وفي علم الجنس يكون مدلولا عليه بجوهر اللفظ.
واستشكل عليه في الكفاية بأنّ الحضور لو كان قيدا في المعنى لما صحّ الحمل على