«فصل»
إذ ورد مطلق ومقيّد فلا يخلو إمّا أن يكونا متخالفين في الإيجاب والسلب ، وإمّا أن يكونا متوافقين فيهما ، فإن كانا من المتخالفين كما في أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة فالنهي المتعلّق بالمقيّد محتمل لأن يكون للتحريم إمّا تكليفا ، وإمّا إرشادا إلى الوضع من عدم الإجزاء، ولأن يكون تنزيهيّا مفيدا للكراهة.
فنقول : لا محيص عن التقييد وحمل المطلق على المقيّد سواء كان النهي من القبيل الأوّل أم من القبيل الثاني ، وذلك لأنّ الظاهر من قوله : لا تعتق رقبة كافرة مثلا هو أنّ المنهيّ عنه هو العتق المقيّد بكون معتقه رقبة كافرة ، لا أن يكون مورد النهي والمرجوحيّة هو إضافة الطبيعة إلى القيد مع محفوظيّة الرجحان بالنسبة إلى أصل الطبيعة ؛ فإنّ هذا يحتاج في تأديته إلى تعبير آخر ، وإذن فإن كان مورد الأمر والرجحان هو المطلق للزم اجتماع الراجحيّة والمرجوحيّة في محلّ واحد وهو أصل الطبيعة.
بيان ذلك أنّ الطبيعة المقيّدة بقيد يكون عند التحليل منحلّة إلى جزءين ، أحدهما نفس الطبيعة ، والآخر إضافتها إلى القيد وإن كان هذان الجزءان يوجدان في الخارج بوجود واحد.
فإن كانت المرجوحيّة المتعلّقة بالطبيعة المقيّدة غير راجعة إلى إضافتها إلى الطبيعة ، بل كانت راجعة إلى الطبيعة المضافة فتكون الطبيعة أيضا مرجوحة في ظرف هذه الإضافة ، فهذه منافية لما فرضنا من تعلّق الرجحان بالطبيعة على وجه الإطلاق والسريان ؛ إذ معناه اجتماع الرجحان والمرجوحيّة في أصل الطبيعة عند إضافتها إلى القيد.
وإن كانت المرجوحيّة راجعة إلى إضافة الطبيعة إلى القيد من دون أن يحدث في أصل الطبيعة بسبب ذلك حزازة أصلا ـ كما في الدر الثمين الموضوع في الظرف السفال ؛ فإنّ الحزازة لوضع الدر في الظرف المذكور من دون أن ينقص من بهاء الدر