ينسب إليه الدلالة التصديقيّة لا التصوّريّة ؛ إذ هي كما يحصل منه يحصل من غيره أيضا ، كما لو حصل عند التّلفظ بلفظ واقعة جديدة فإنّه يصير موجبا لصيرورة هذه الواقعة حاضرة في الذهن متى سمع هذا اللفظ ، وكما لو نادى الواضع بين الناس : إنّى ما وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى ، فإنّ هذا النداء يوجب لحضور هذا المعنى في الذهن عند سماع هذا اللفظ.
«فصل»
لا شكّ أنّ الجمل الفارسيّة حيث إنّها مشتملة على لفظة «است» و «نيست» الدالّة على النسبة فلا حاجة فيها إلى التزام وضع نوعي للهيئة ولا شخصى للمجموع منها ومن المادّة ، وكذا الجمل الإنشائيّة كاضرب زيدا ؛ إذ مفرداتها تشتمل على وضع يتمّ به القضيّة ، وكذا بعض الجمل الخبريّة العربيّة وهو ما اشتمل منها على لفظة «كان وليس» وما أفاد مؤدّاهما.
وأمّا ما ليس منها كذلك كقولنا : زيد قائم فلا بدّ فيها من القول بأنّ هيئتها موضوعة للنسبة لكن نوعيّا لا شخصيّا (١) بأن يكون لكلّ هيئة قائمة بكلّ مادّة وضع على حدّه ؛ ضرورة أنّه لا داعي إلى الثاني بعد إمكان الأوّل ، وكذا لا حاجة بعد ثبوت الوضع للهيئة بإزاء النسبة نوعيّا إلى ثبوته لمجموع الهيئة والمادّة بإزاء مجموع الطرفين ، والنسبة شخصيّا بحيث كان كلمة زيد في قولنا : زيد قائم بمنزلة الزاء في كلمة زيد ، فإنّ ذلك مضافا إلى لغويّته يشهد وجدان كلّ احد ببطلانه ، وكلام القائل بالوضع للمركّبات محتمل لكلّ من هذه الثلاثة.
__________________
(١). إذ وضع مفردات القضيّة لا يفي بصدق القضيّة التامّة التي يصحّ السكوت عليها ؛ لأنّ معاني المفردات معان تصوّرية وتعدّد المعاني التصوّرية لا يستلزم القضيّة التامّة التي يصحّ السكوت عليها ، فلا بدّ أن تكون القضيّة المستفادة من قولنا : زيد قائم مسبّبة من وضع آخر غير وضع المفردات ثابت للهيئة. منه قدسسره.