الذي هو سبب واحد لا يمكن تأثيره في مسبّبين بناء على ما قرّر في المعقول من امتناع صدور الاثنين عن علّة واحدة ؛ فإنّ العلّة لا بدّ من وجود السنخيّة بينها وبين المعلول ، وإلّا لأثّر كلّ شيء في كلّ شيء ، ومن المعلوم عدم إمكان تحقّق السنخيّة بين الواحد وبين الاثنين بما هما اثنان متباينان ، فيلزم أن يكون المعلول هو الجامع بينهما وهو خلاف الظاهر من القضيّتين ؛ حيث إنّ الظاهر من كلّ منهما كون المسبّب للظهار هو خصوص المطلق أو خصوص المقيّد بخصوصهما لا بجامعهما.
وحينئذ فنقول : لا إشكال في أنّ الظاهر من قوله : إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة هو كون الظهار سببا لعتق الرقبة المؤمنة بما هو مقيّد بهذا القيد ؛ فإنّ من الواضح أنّه لو كان لمطلوبيّة خصوصيّة هذا القيد سبب آخر وراء الظهار وكان الظهار سببا لمطلوبيّة نفس العتق مع قطع النظر عن خصوصيّته لكان هذا التعبير خطأ ؛ فإنّ الظهار وإن كان سببا لأصل وجوب العتق لكنّ المفروض أنّ الخصوصيّة مطلوبة بسبب آخر ، فلا وجه لتعليق وجوب أصل العتق مع مطلوبيّة الخصوصيّة جميعا على الظهار ؛ فإنّه بالنسبة إلى الثاني تعليق للشيء على ما هو أجنبيّ عن سببه وعلّته ، ولا إشكال في عدم صحّته.
فهذا نظير ما لو قيل : إذا دخل الوقت فصّل في المسجد ، والصحيح أن يقال : إذا دخل الوقت فصّل ؛ إذ لا ربط لدخول الوقت إلّا بوجوب أصل الصلاة ، فلا يصح أن يعلّق عليه إلّا وجوب أصل الصلاة ، وأمّا رجحان إتيان الصلاة في المسجد فهو جاء من قبل سبب آخر غير دخول الوقت ، فحال الدخول بالنسبة إليه حال سائر الأشياء الأجنبيّة عن هذا المعلول ، فتعليقه على الدخول كتعليقه على أحدها.
وحاصل الكلام في المتوافقين أنّه إمّا أن يعلم بوحدة التكليف أو يعلم بوحدة السبب أو لا يعلم بشيء منهما ، ففي صورة عدم العلم يدور الأمر في الحقيقة بين رفع اليد عن ظاهر الخطابين من كون كلّ منهما تكليفا مستقلا والأخذ به ، ولا ريب في تعيّن الثاني ، ولهذا جعلوا من مقدّمات حمل المطلق على المقيّد العلم بوحدة التكليف ، وأمّا لو علم بوحدة التكليف من الخارج لا من جهة وحدة السبب فلا إشكال في رفع