فالمخاطب المشافه ما لم يصل زمان العمل لا يأخذ بظهور ما سمعه وإن طال المدّة ولم يظهر القرينة ؛ لاحتمال وجود القرينة وإرادة المتكلّم إبلاغها إليه إمّا بالمشافهة وإمّا بإرسال شخص إليه يبلغه ذلك القرينة ، نعم لو حضر وقت العمل ولم يسمع القرينة لا من المولى ولا من الرسول كان حينئذ حال ما أخذه من المتكلّم في رأس مدّة طويلة حال الكلام في غيره بعد الانقطاع وفصل زمان قليل ، فكما يعامل مع الثاني معاملة العموم أو الإطلاق على إحدى الطريقتين المتقدمتين من مقدّمات الحكمة أو المقدّمات التي ذكرناها ، فكذا يعامل ذلك مع الثاني بعد مضيّ تلك المدّة الطويلة وعدم وصول المخصّص أو المقيّد إليه.
وأمّا المخاطب غير المشافه الذي طريقه في استعلام التكاليف الرجوع إلى المكتوبات كما في أحكام الشارع بالنسبة إلينا فلا بدّ من أن يفحص ، ولا يكتفي بمجرّد رؤية المطلق أو العام في صفحة ، بل يجعل ما في الصفحة الاخرى قرينة عليه ، بل ما يكون في باب قرينة في حقّه على ما يكون في باب آخر ، بل ما يكون في كتاب على ما في كتاب آخر ، فبعد الفحص في جميع ما وصل إليه من الكتب وعدم وصوله إلى المخصّص أو المقيّد يكون حال الكلام حينئذ حال الكلام من المتكلّم في الامور الجزئيّة بعد انقطاع كلامه.
وإذن فربّما يكون زمان المعرضيّة للحوق القيد بالنسبة إلى المخاطب المراجع إلى الكتب والآثار أوسع من زمان المعرضيّة بالنسبة إلى المخاطب المشافه ، ولازم هذا أنّه لو رأى المخاطب الأوّل بعد رؤية المطلق مقيّدا بعد الفحص التام والتتبع في الكتب ـ مثلا رأى في موضع : أعتق رقبة واطّلع بعد الفحص والتتبع في موضع آخر على قوله : أعتق رقبة مؤمنة وعلم باتّحاد التكليف ـ فلا بدّ من أن يعامل مع هاتين القضيتين من هذا المتكلّم معاملته معهما لو سمعهما من المتكلّم في الجزئيّات في مجلس واحد قبل مضيّ لحوق القيد بالمطلق ، فكما أنّه يجعل المقيّد قرينة على المطلق في الثاني بلا كلام فكذا لا بدّ أن يعامل ذلك في الأوّل ؛ إذ المطلق في القابليّة للحوق القيد والمعرضية له وعدم استقرار الظهور على السواء في المقامين ، هذا.