ولكن لازم هذا الذي ذكرنا من عدم الفرق بين القرائن المتّصلة والمنفصلة في كلام الشارع هو سراية الإجمال من المقيّد المنفصل المجمل إلى المطلق ، كما لو كان المقيّد المتّصل مجملا بلا فرق ، والمشهور غير ملتزمين بذلك بل يفرقون بين المتّصل والمنفصل فيجعلون إجمال الأوّل ساريا دون الثاني ؛ لأنّهما حجّتان مستقلّتان فلا يوجب إجمال إحداهما إلّا طرحها خاصّة في مورد الإجمال ولزوم الأخذ بالاخرى فيه.
«فصل»
قد عرفت أنّ حمل المطلق على الإطلاق على ما اختاره المشهور يتوقّف على إحراز مقدّمات الحكمة التي من جملتها كون المتكلّم بصدد البيان ، وعلى ما اخترناه يتوقّف على إحراز أنّ الإرادة أصليّة ، وأنّ الطبيعة موضوع بنفسها لا معرّف للموضوع ، ولازم ذلك عقلا هو الإطلاق ، فنقول : على كلا المبنيين مقتضى المقدّمات في موضوع الإرادة هو الشياع والسريان إمّا على نحو العموم الاستيعابي وإمّا على نحو العموم البدلي حسب اختلاف المقامات كما سنشير إليه إليه إن شاء الله تعالى.
وأمّا في نفس الإرادة فمقتضاها هو الحمل على خصوص الوجوب النفسي التعييني العيني وإن قلنا بأنّ الهيئة موضوعة لمطلق الطلب الجامع بين الندب والوجوب بأقسامه.
وبيان ذلك أمّا على طريقة المشهور فهو أنّ وجه الحمل على الشياع في الموضوعات هو أنّ إرادة عدم الشياع يحتاج إلى مئونة زائدة ، ففي «أعتق رقبة» يحصل الشياع بمجرّد ملاحظة مدلول هذا الكلام ، وامّا عدم الشياع فيحتاج إلى ملاحظة زائدة وقيد زائد ، مثل ملاحظة أعتق رقبة مؤمنة ، فعند الإطلاق لا بدّ من حمل المطلق على ما كان أقلّ مئونة.
وربّما يشكل كون الوجوب أقلّ مئونة بأنّه إذا قلنا بأنّ الهيئة موضوعة لمطلق الطلب وهو الجامع بين الوجوب والندب فكلّ من الوجوب والندب مشتمل على