والحاصل أنّ الإطلاق بأحد النحوين يقتضي في متعلّق الإرادة الحمل على الجامع بين الأفراد والشياع ، وفي نفس الإرادة يقتضي الحمل على النوع الخاص أعني الوجوب النفسي التعييني العيني حتّى عند من يقول بكون لفظها حقيقة في الجامع ، ووجهه أنّ المقدّمات يقتضي الحمل على الأقلّ مئونة بالنسبة إلى المتكلّم وإن كان أشدّ على المخاطب ، وهو في المتعلّق هو الجامع وفي الإرادة هو الوجوب ؛ فإنّ الإرادة معناها العزم على الفعل ، والعزم لا ينفكّ عن نفس الفعل ، يعني لا مانع من تأثيره في الفعل وتحريك العضلات نحوه من قبل نفس العازم ، فلو لم يمنعه مانع فالعزم محرّكه نحو الفعل وليس لهذا العزم مراتب ، نعم يكون لمباديه مراتب.
فإذن العزم ينبعث عن الحبّ والإدراك الملائم كما قال في المنظومة :
عقيب داع دركنا الملائما |
|
شوقا مؤكّدا إرادة سما |
فمراتب الحب ودرك الملائم وإن كانت مختلفة لكن العزم نحو واحد ، فالعزم في الفاعل محرّك لعضلات نفسه ، وفي الآمر لعضلات عبده ، فكما أنّه في الفاعل لا ينفكّ عن الفعل ففي الآمر أيضا متى كان هذا العزم ولم يكن معه شيء كان بهذا النحو ، يعني بحسب تشريع المولى ليس للمراد لا وقوع ، نعم إن ضمّ جنب العزم التشريعي الإذن التشريعي في الترك كان ندبا.
فظهر أنّ الوجوب مقيّد بقيد عدمي ولا يحتاج في التحقّق إلى ملاحظة والتفات مستقلّ نظير الخطّ البالغ ذرعا ، فإنّه يتحقّق الخط الذرعي ولو لم يلتفت الموجد انتهاء الخط إلى هذا الحد ولم يكن بقصده.
فلا يشكل بأنّ الهيئة على تقدير كونها موضوعة للقدر المشترك فالاستعمال فيه غير ملازم للوجوب ؛ فإنّ ذلك لو كان للوجوب قيد وجودي ، وأمّا إذا كان عبارة عن نفس هذا القدر المشترك إذا لم ينضمّ إليه قيد بل كان مطلقا وبلا قيد ولو من دون التفات للمريد نحو كونه بلا قيد فهو يتحقّق بالاستعمال في القدر المشترك مع عدم ضمّ شيء إليه قهرا ، فعلم أنّ الإطلاق يجعل الإرادة خاصّة ويجعل متعلّقها عامّا.