بالسويّة بالنسبة إليهما ، لكنّه مع ذلك حجّة عقليّة على الأقلّ مئونة من النوعين ؛ فإنّ اللفظ حجّة بحسب الظهور على أصل الإرادة التي هي الجامع بين النوعين وليس على زيادة النوع الآخر حجّة ، ومجرّد الاحتمال لا يثمر ، وبذلك يصير حجّة عقليّة على النوع الذي لا زيادة فيه ، فيجب بحكم العقل البناء في مقام العمل على طبق هذا النوع وإن كان اللفظ بحسب الظهور اللفظي مجملا بينهما.
ومن هنا ظهر أنّ الأخذ بالأقلّ عند الشكّ بين الأقلّ والأكثر الارتباطيين ونفي الزائد بأصالة البراءة صحيح بتقريب أنّ التكليف بالأقلّ معلوم وبالزائد مشكوك ننفيه بالأصل ؛ فإنّ المراد بمعلوميّة التكليف بالنسبة إلى الأقلّ ليس إلّا معلوميّة الجامع بين الغيري والنفسي ومع ذلك يلزم العقل بالإتيان ؛ إذ في عدم الإتيان خوف العقاب لاحتمال نفسيّة التكليف واقعا.
وليس هذا من قبيل الموارد التي يكون احتمال الضرر فيها موجودا ومع ذلك يكون حكم العقل هو البراءة ؛ إذ ذلك فيما إذا كان العقاب والمؤاخذة على الترك على تقدير ثبوت التكليف واقعا بلا بيان ، لا بالنسبة إلى مثل المورد الذي يكون البيان موجودا ؛ فإنّ المفروض كون وجود الأمر والطلب المقتضيين للإيجاد معلوما وإن لم يعلم جهته من كونه نفسيّا أو مقدّميّا ؛ إذ هذا المقدار يكفي بالوجدان لكونه حجّة للمولى لو كان التكليف في الواقع نفسيّا ، ولا يكون العقاب معه بلا بيان ، وإذن فاحتمال الضرر موجود والمؤمّن وهو كون العقاب بلا بيان على تقدير الثبوت غير موجود ، فيجب دفعه بالاحتياط بحكم العقل.
فلا يرد على القول بالبراءة في الأقلّ والأكثر بأنّ التكليف المعلوم مردّد بين أن يكون مقدميّا وأن يكون نفسيّا ، فالأوّل غير مفيد ؛ إذ لا يوجب مخالفته العقاب ، والثاني وإن كان مفيدا لكنّه مشكوك بدوي ؛ فإنّ هذا تشكيك في قبال الوجدان وحكم العقل.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ حمل الهيئة على خصوص الوجوب النفسي التعييني العيني يكون بأحد الوجوه الثلاثة.
وأمّا مفاد المادّة بل مطلق متعلّق الحكم وإن كان الحكم وضعيّا ، بل وإن كان