عليه متابعته ، بل لا يمكن منعه عن المتابعة ، بل وأمره بها على نحو الأمر المولوي ، فلا بدّ من حمل الأمر لو كان على مجرّد الإرشاد؟ فهنا ثلاثة مقامات :
الأوّل : أنّ القاطع هل هو كالظان في احتياجه في العمل إلى جعل الحجيّة أو يلزم عليه العمل على طبق القطع بحكم العقل؟
الثاني : أنّه وإن قلنا بلزوم العمل بدون الحاجة إلى جعل الحجيّة هل يمكن للمولى لو رأى المفسدة في متابعة قطع أن يمنع العبد عن متابعته أولا؟.
الثالث : أنّه وإن قلنا بعدم الحاجة واستحالة المنع هل يمكن توجّه الأمر المولوي أولا؟.
أمّا الأوّل فالحق عدم الحاجة ؛ إذ ليس ما وراء القطع حجّة اخرى ، فيلزم على تقدير احتياجه إلى جعل الحجيّة ارتفاع الحجّة من البين رأسا ؛ إذ لو فرض القطع بحكم وفرض القطع بقول الشارع : اعمل بقطعك ، فلا يكون القطع بهذا القول حجّة ويحتاج في جعله حجّة بجعل ثانوي ، وكذا الكلام في القطع بالجعل الثانوي فيحتاج إلى جعل ثالث وهكذا ، فيلزم التسلسل ؛ فإنّه لا ينتهي المحتاج إلى غير المحتاج أبدا. وبالجملة فلزوم متابعة القاطع لقطعه بديهيّ لا يحتاج إلى البيان.
أمّا الثاني فقيل فيه بعدم الإمكان مستدلا بلزوم العمل بالتناقض ، وبيانه أنّه لو قطع المكلّف بكون المائع مثلا خمرا وقطع بالكبرى أيضا أعني حرمة الخمر فيقطع بالبديهة بأنّ هذا المائع حرام ؛ فإنّ الشكل الأوّل بديهيّ الإنتاج ، فلو منعه المولى من العمل بهذا القطع فيلزم أن يعلم المكلّف بمتناقضين أعني حكم اجتنب وحكم رخّصتك وإن كان قطعه بكون هذا خمرا جهلا مركّبا ؛ فإنّه لا يحتمل الخطاء في قطعه.
واورد عليه بالنقض بالقياس في حال الانسداد ؛ فإنّه لا شكّ في كونه قائما مقام العلم ؛ فإنّ الامتثال له مراتب يحكم العقل بتقديم بعضها على بعض ، فالامتثال القطعي هو المقدّم ، ومع عدم إمكانه يلزم الظنّي على اختلافه بحسب قوّة الظن وضعفه ، فيقدّم الأقوى على الأضعف ، والمناط تقديم ما هو الأقرب إلى القطع فالأقرب ، فيكون الظن عند انتفاء القطع قائما مقامه ، ومع ذلك قد نهى الشارع عنه