إذا كان حاصلا من القياس ، فإذا جاز ذلك في ما يقوم مقام القطع جاز فيه أيضا لاتّحاد الملاك.
وأجاب عنه صاحب الكفاية في الحاشية على الرسائل بإبداء الفرق بين القطع والظن بوجود السترة في الثاني بالنسبة إلى الواقع وعدمها في الأوّل ، فمرتبة الحكم الظاهري محفوظة في الثاني دون الأوّل.
وفيه أنّه كما يمتنع القطع بصدور المتناقضين من الشارع كذلك الظنّ به ، بل مجرّد احتماله ؛ فإنّ الظانّ بحرمة الفعل الخاص في الواقع إذا منعه المولى عن متابعة هذا الظن فمعناه أنّه رخّصتك في فعله ، فيلزم أن يجتمع الظنّ بالحرمة والقطع بالرخصة ، فيلزم الظن بوجود المتناقضين في الواقع وهو أيضا كالقطع به.
وإن اريد ذلك مع اختلاف متعلّق الظن ومتعلّق المنع بأن يكون الواقع الميسور حكما شأنيّا والمنع حكما فعليّا فهذا غير مختصّ بالظن ، فإنّه يمكن في القطع أيضا بأن يكون الواقع المقطوع حكما شأنيّا والمنع حكما فعليّا ، وإن اريد أنّ الظّن بعد ورود المنع ينقلب إلى القطع بالضّد فليس كذلك ؛ فإنّا مع ورود مثل هذه النواهي الأكيدة عن العمل بالقياس يحصل لنا الظنّ بالحكم الشرعي من طريق القياس.
وبعبارة اخرى إنّما نتكلّم من حيث ما في نفس الأمر لا من حيث التنجيز وحكم العقل بوجود الامتثال ، فالمقصود ملاحظة وجود التناقض في ما في نفس الأمر وعدمه وإن لم يكن امتثال أمره واجبا ، ومن هذا الحيث كما يكون التناقض في القطع كذلك يكون في الظّن ؛ إذ تقول في القطع : إنّ العبد يقطع بكون هذا الشيء مبغوضا للمولى وأنّ نفس المولى متنفّر منه غاية التنفّر وهذا مع قول المولى له : لا تعمل بهذا القطع مضادّ ومناقض ؛ إذ معنى هذا النهي أنّه لا تنفّر لي من هذا الشيء ، فيلزم الجمع بين التنفّر واللاتنفّر ، وبعبارة اخرى معنى الواقع المقطوع أنّك لست بمأذون في الفعل ، ومعنى النهي أنّك مأذون فيه.
ونقول نحن في الظّن : إنّ العبد إذا قطع بكون هذا خمرا وظنّ كون الخمر حراما فحيث إنّ النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمتين فيظن أنّ هذا الشيء حرام والمولى متنفّر