تقدم نفسه عليها ، ففائدة هذا الأمر تحريك هذا الصنف من العبيد ، ويكفي هذا المقدار في الخروج عن اللغويّة.
وربّما يوجّه بوجه ثالث وهو لزوم انتفاء الموضوع بنفس امتثال الأمر ، والأمر بموضوع ينتفي بمجرّد امتثال الأمر ويقتضي الأمر خروجه عن عنوانه قبيح ، بيان ذلك أنّ عنوان إطاعة الأمر بالصلاة مثلا إنّما يتحقّق بالإتيان بالأركان المخصوصة بداعي خطاب «صلّ» ، وهكذا إطاعة كلّ أمر يتحقّق بالإتيان بالمأمور به بدعوة هذا الامر وتحريكه ، فإذا فرضنا كون الأمر بإطاعة «صلّ» مولويّا فهذا الأمر أيضا يقتضي تحرّك الفاعل نحو الصلاة بدعوة هذا الأمر ، والإتيان بالصلاة بدعوة هذا الأمر ليس إطاعة لأمر «صلّ» والمفروض أنّ الأمر تعلّق باطاعته ، فموضوع أمر أطع الأمر بالصلاة وهي إطاعة خطاب «صلّ» متقوّمة بكون داعي المصلّي هذا الخطاب ، ومقتضى خطاب «أطع» كونه بداعي هذا الخطاب وهذا معنى كون الأمر مقتضيا لخروج موضوع الإطاعة عن كونه إطاعة.
ولا يختصّ ذلك بالتعبديّات ، بل يجري في التوصليّات أيضا ؛ فإنّها وإن كان الإتيان بمتعلّقاتها بدون داعي أمرها مجزيا إلّا أنّ المقصود من تلك الأوامر أيضا هو الداعويّة نحو الفعل وتحريك المأمور لو لم يتحرّك بداع آخر ، فعنوان اطاعتها إنّما يصدق لو كان العمل بداعي أمرها لا بداع آخر ، ومرجع هذا الوجه إلى عدم إمكان داعويّة هذا الأمر اعني : أطع أمر صلّ مثلا إلى متعلّقة ؛ إذ بدعوته يخرج متعلّقه عن كونه متعلّقه ، وبهذا الاعتبار يصير الأمر لغوا وإن سلم عدم لغويّته من جهة الفاعل كما هو الوجه الثاني.
والجواب بإمكان تعدّد الداعي في الطول بأن يكون خطاب «صلّ» مثلا داعيا إلى نفس الصلاة ، ويكون خطاب «أطع» داعيا إلى الصلاة بداعي أمرها ، وكذلك يكون خطاب «أطع» ثانيا داعيا إلى الإتيان بالصلاة بداعي أمرها بدعوة أمر «أطع» أوّلا ، وهكذا.
وبعبارة أخرى : هذا الأمر يصير داعيا إلى الإطاعة ، والأمر الأوّل يصير داعيا