البراءة مؤدّية إلى شيء هو موجب لرفع التنجيز صحّ قيامهما مقام العلم ؛ فإنّ مؤدّاه أيضا إمّا منجّز وإمّا رافع للتنجيز ، لكن ليسا كذلك ، بل هما كما عرفت نفس التنجيز العقلي والمعذوريّة العقليّة وليسا مؤدّيين إلى شيء من آثاره أحد هذين.
ثمّ إنّه قدسسره بعد ما بيّن عدم قيام الأمارة مقام العلم الموضوعي بيّن عدم قيام الاستصحاب مقامه أيضا ، ولعلّ وجه ذكره بالخصوص مع معلوميّة حاله من الأمارة وعدم كونه أقوى منها أنّ في دليله ذكر لفظ الشكّ واليقين ، فربّما يتوهّم وفائه بتنزيل الشكّ منزلة اليقين فيما إذا كان له دخل في الموضوع ، فصرّح به أيضا دفعا لهذا التوهّم وأنّه لا بدّ إمّا من ملاحظة المتيقّن السابق والمشكوك بجعل اليقين طريقا إلى متعلّقه ليفيد تنزيل المشكوك منزلة المقطوع بلحاظ آثار نفس الواقع ، وإمّا من ملاحظة اليقين والشكّ على وجه الاستقلال ليفيد التنزيل بلحاظ آثار نفس القطع ، وحيث إنّ الدليل ظاهر في اللحاظ الأوّل والجمع بينه والثاني أيضا غير ممكن فتعيّن عدم وفاء دليله بقيامه مقام القطع فيما له دخل في الموضوع.
ثمّ إنّه قدسسره ذكر كلاما ذكره في حاشيته مع جوابه ، وحاصل ما ذكره في الحاشية إمكان أن لا يفيد دليل الأمارة والاستصحاب إلّا تنزيل المؤدّى والمستصحب ومع ذلك كان كافيا للتنزيل منزلة القطع ؛ فإنّه إذا حكم بالأمارة أو الاستصحاب بالخمريّة فالقطع بالخمريّة التعبديّة يحصل ، وكما يدّل دليل الأمارة والاستصحاب على تنزيل المشكوك منزلة الخمر يدّل على تنزيل هذا القطع أيضا منزلة القطع بالواقع ؛ للملازمة بين هذين التنزيلين.
وحاصل الجواب أنّ الملازمة ليست بعرفيّة قطعا بحيث يلزم عرفا من الانتقال إلى الأوّل الانتقال إلى الثاني ، كما يلزم من الانتقال إلى تنزيل شخص منزلة الأب لشخص آخر الانتقال إلى تنزيل الشخص الثاني منزلة الابن للشخص الأوّل ، فلو كان حكم مرتّبا على مجموع الابوّة والبنوّة فالتنزيل في أحدهما فقط كاف لإحراز موضوع هذا الحكم بتمامه ؛ فإنّه وإن كان دلالة الدليل على تنزيل أحد الجزءين في طول دلالته على تنزيل الآخر لكنّهما بحسب الواقع في عرض واحد ، ففي مقام