مسلّم ؛ فإنّ معنى الإيمان والإسلام والتصديق بما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله هو انقياد ما علم أنّه حكم الله من غير فرق بين علمه تفصيلا أو إجمالا ، فإن كان تفصيليّا فعلى نحو التفصيل ، وإن كان إجماليّا فعلى نحو الإجمال كما فيما نحن فيه.
ويشهد لذلك مراجعة الوجدان في من يشرب الخمر معتقدا أنّه معصية المولى ومن يشربه مستحلّا له أو غير بان على شيء أصلا (١) ؛ فإنّ الثاني والثالث أغلظ من
__________________
(١) ذهب شيخنا المرتضى قدسسره إلى أنّه لو ترك شرب الخمر ولكن كان بانيا على حليّته فلا بأس ؛ إذ لا دليل على وجوب عقد القلب على كلّ حكم تفصيلا ، وإنّما المسلّم في تحقّق الإسلام عقد القلب على العنوان الإجمالى الذي هو كلّ ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله ، وفيه أنّه نعم لا يكون شرطا في الإسلام أن يكون عالما بالأحكام تفصيلا بواقعها وبانيا عليها على التفصيل حتى يلزم كفر الجاهل بالأحكام الفرعيّة كلّا أو بعضا بالجهل البسيط أو بالجهل المركّب ، بل يكفي عقد القلب على أنّ كلّ ما جاء به النّبي صلىاللهعليهوآله إجمالا حقّ ومن جانب الله عزوجل ، وهذا أمر علاوة على الاعتقاد الجناني الذي هو عبارة عن اليقين والجزم بالحقيّة الحاصل لتمام الكفّار الجاحدين في زمانهصلىاللهعليهوآله ؛ فإنّه اتّضح الأمر عليهم أجلى من الشمس في رابعة النهار ، ولكن كانوا جاحدين.
والمراد بالجحود ليس هو الإنكار اللساني ، بل يجتمع مع الخرس وعدم التكلّم أيضا وهو الإباء القلبى عن قبول أحكامه ورسالته والتزامه وعقد القلب على خلاف أحكامه والعتوّ والتمرّد عن الدخول تحت إطاعته وامتثال أو امره ، والطغيان والاستكبار عن تذليل النفس له ولرسالته وما يقابل هذا ، وهو الذي يعتبر في تحقّق الإسلام والاقرار اللساني كاشف عنه وليس له موضوعيّة.
ولذا يتحقّق الإسلام مع الخرس وعدم التكلّم وهو التباني وتذليل النفس وتوطينها على انقياد حكمه وقبول رسالته وعقد القلب والالتزام بها ، وهو أيضا أمر قلبي باطني كالعلم والجزم ولكنّه غيرهما.
والحاصل أنّه وإن كان لا يعتبر في الإسلام زيادة على الاعتقاد وعقد القلب الجنانيين على صحّة وحقيّة كلّ ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله على سبيل الإجمال ، ولكن كما ـ