الأوّل قطعا ؛ فإنّهما مستخفّان بحكم المولى ، والأوّل غير مستخفّ به ، بل قابل له ، وبالجملة التفرقة بينهما في مراتب الاستحقاق لعلّه من أوائل البديهيّات ، وليس منشأ ذلك إلّا المخالفة الالتزاميّة الموجودة في الأخيرين دون الأوّل.
فيكون هذا شاهدا على المدّعى فيما نحن فيه وهو صورة العلم الإجمالى وعدم إمكان المخالفة القطعيّة العمليّة ؛ لعدم الفرق بينها وبين صورة العلم التفصيلي وإمكانها ، فإذا كانت المخالفة القطعيّة الالتزاميّة محرّمة في الثانيّة فهي كذلك في الاولى أيضا ولا يعقل التفكيك ، وبالجملة يلزم الانقياد القلبي على طبق العلم وحذوه ، إن تفصيليّا فتفصيليّا ، وإن إجماليّا فإجماليّا.
وإن كان المقصود لزوم عقد القلب على الشخص المعيّن من الحكم بمعنى أنّه يلزم في المثال البناء على خصوص ما كان واقعا ثابتا من الوجوب أو الحرمة أو كان هو بالخيار في تعيين أحدهما ، فإمّا يبنى على شخص الوجوب أو على شخص الحرمة ، فيكون حال الموافقة الالتزاميّة في مورد العلم الإجمالي حال الموافقة العمليّة في مورد العلم الإجمالي ، فكما يجب الموافقة القطعيّة وقد يجب الموافقة الاحتماليّة عملا في صورة العلم الإجمالي ، فكذلك الحال في الموافقة الالتزاميّة.
ففيه أنّ الأوّل وهو الالتزام والبناء على خصوص الحكم الواقعي غير ممكن
__________________
ـ لا يجتمع هذا الاعتقاد فيما إذا علم وجدانا بأنّ الشيء الفلاني مصداق ما جاء به مع الاعتقاد بعدم حقيّة هذا المصداق ، ولا محالة يكون هذا استثناء من تلك الكليّة ؛ ضرورة أنّه لا يمكن الاعتقاد بالموجبة الكليّة مع السالبة الجزئيّة ؛ فإنّهما متناقضان ، كذلك التباني وعقد القلب على تلك الكليّة الإجماليّة أيضا لازم وجوده الذي لا ينفكّ عنه أنّه إذا صار مصداقه تفصيليّا صار هو أيضا تفصيليّا قهرا ، وإلّا يكشف عن عدم الإجمال أيضا.
ولهذا ذكروا أنّه لا ينفكّ إنكار الضروري أو التشكيك فيه عن إنكار الرسالة وحقيّة ما جاء به ، أو التشكيك في ذلك مع الالتفات إلى كونه ضروريا واصلا عن النبي صلىاللهعليهوآله إلى أيدي الناس ، فحينئذ لا محالة يكون عقد القلب على بعض ما جاء به دون تمامه ، منه قدسسره.