اسبوع والترك في آخر وانحصل المخالفة القطعيّة تخلّصا من محذور ترك الموافقة القطعيّة ، وحيث إنّا نختار الأوّل فيما يأتي في العلم الإجمالي إن شاء الله تعالى مستدلا بأنّ قبح المخالفة القطعيّة بتّي ؛ ولهذا نحصّص به أدلة الاصول ، وأمّا ترك الموافقة القطعيّة والاكتفاء بالاحتماليّة فقابل للزوال بمجيء الترخيص من الشرع ؛ فلهذا يجب بحكم العقل اختياره باختيار الفعل أو الترك في تمام الأزمان تخلّصا من القبح الأشدّ.
ثمّ ربّما يورد على ما ذكرنا من عدم جريان الأصل تدريجا فيما تكون المخالفة فيه تدريجيّة بالنقض بالخبرين المتعارضين ، حيث ورد في الأخبار العلاجيّة أنّه : بعد فقد المرجّحات وتساويهما من كلّ الجهات يكون المكلّف مخيّرا في الأخذ بأيّهما شاء ، فاختلف في ذلك ، فذهب جمع كثير إلى أنّ التخيير استمراري يعني بعد الأخذ بأحدهما أيضا يكون التخيير ثابتا ، فيجوز العدول منه والأخذ بالآخر.
وذهب آخرون إلى أنّه بدوي بمعنى أنّه قبل البناء على طريقيّة أحدهما كان مخيّرا ، وبعده يصير هذا الواحد المأخوذ متعيّنا وهو ملزم بالأخذ به ويسقط اختياره ، ومنشأ الخلاف هو الاختلاف في تعيين مدلول الخبر العلاجي الدالّ على التخيير.
فمستند الأوّلين أنّ له إطلاقا بالنسبة إلى جميع الأزمان قبل الأخذ وبعده ، ومستند الآخرين إنكار الإطلاق له وأنّ القدر المتيقّن منه إثبات التخيير قبل الأخذ ؛ فإنّه زمان التحيّر ، وأمّا بعده فلا تحيّر ، هذا مدرك الطرفين ، ومن الواضح أنّ التخيير الاستمراري مستلزم للمخالفة القطعيّة التدريجيّة ، فلو كان لزومها محذورا لم يقل به الأوّلون ، أو يستشكل عليهم الآخرون وجعلوه مدركا للرجوع عن مقالتهم ، دون نفي الإطلاق المذكور.
وكذلك الكلام بعينه في تخيير المقلّد بين الرجوع إلى فتوى المجتهدين المتساويين في العلم والعدالة ؛ فإنّه ذهب جمع إلى كونه استمراريّا ، وآخرون إلى كونه بدويّا ، وليس مستند الآخرين إلّا أنّ طريقيّة قول المجتهد الذي أخذ بقوله معلومة إمّا تعيينا أو تخييرا ، وأمّا طريقيّة قول الآخر فغير معلومة.