وبعبارة اخرى يدور الأمر بعد الأخذ بقول أحدهما بين التعيين والتخيير ، ونحن وإن قلنا في مورد دوران الأمر بينهما في مسألة فرعيّة بالبراءة وعدم التعيين ، لكن نقول بالاشتغال وثبوت التعيين هنا ؛ وذلك لأنّ الأصل حرمة التعبّد بقول من لا يعلم إصابته وخطائه إلّا ما خرج بالدليل ، فيكون الأخذ بقول الآخر المشكوك طريقيّته والتعبّد بطريقيّته محرّما ، وبالجملة، لم يستند أصحاب هذا القول إلّا إلى أمثال ذلك ، ولم يتعرّض أحد منهم لمخالفة القول بالتخيير الاستمراري لحكم العقل وورود الإشكال العقلي عليه ، مع أنّه مستلزم للمخالفة التدريجيّة كما هو واضح.
والجواب أنّه لا يوجب وهنا في حكم العقل بقبح المخالفة التدريجيّة كالدفعيّة في مورد يحكم به ورود ما يخالفه من الشرع في مورد آخر ، بل اللازم التعرّض لإصلاح المورد الثاني والتكلّم فيه في وجه الجمع بين حكم الشرع والعقل ، وهو واضح.
فنقول : لو كان في الخبرين المتعارضين ما هو نصّ صريح في استمرار التخيير بحيث لا تعتريه شبهة ، كما لو علم بتصريح الشرع بالاستمرار ، لكان اللازم من باب الإلجاء الالتزام بالبدل لامتثال الحكم المعلوم بالإجمال ، بمعنى أنّ الشارع جعل لامتثال الحكم الواقعي المعلوم وجوده بين مدلولي الخبرين بدلا يكتفي به ويتقبّله عوضا عن امتثاله وهو الالتزام بطريقيّة الخبر المخالف للواقع ، فكأنّه أمر المكلّف بأنّه يجب عليك إمّا الإتيان بالفعل الفلاني أو الالتزام وعقد القلب على طريقيّة الخبر الفلاني.
فهنا أيضا وإن كان ليس التكليف بحسب الواقع الأوّلي إلّا واحدا معيّنا بلا عدل ، ولكن بعد علم المكلّف إجمالا يصير ذا عدل وبدل من هذا الحين ، ففي ما كان مدلول أحد الخبرين وجوب الجمعة ، ومدلول الآخر حرمتها ، وكان واجبا واقعا ، فيجب على المكلّف بعد اطّلاعه على الخبرين أحد الأمرين من صلاة الجمعة والالتزام بطريقيّة الخبر الذي دلّ على حرمة الجمعة ، فجعل هذا الالتزام الذي هو فعل القلب بدلا لامتثال الأمر بالجمعة.
وكذلك الحال بعينه في مسألة التقليد ، فلو كان في البين نصّ صريح على