لطفا ومنّة ودفعا لمئونة زائدة كان للشارع إثباتها ، نعم يمكن جعل الإباحة فيهما لحكمة اخرى غير الامتنان بدليل آخر غير الحديث المفروض كون الحكمة فيه الامتنان ، ولكن عرفت عدم دليل آخر.
وإذن فمن حيث الواقع عرفت أنّه يجب الالتزام بأنّ حكم هذا الشيء هو الإلزام على ما هو عليه من الوجوب أو الحرمة ، وأمّا من حيث هذا الشخص الخارجى بشخصيّته فلا بدّ أن يكون المكلّف بلا بناء وبلا التزام ، يعنى لا يلتزم بوجوبه ولا بحرمته ؛ لما عرفت من حرمة هذين الالتزامين بدليل التشريع ، وكذلك لا يلتزم بإباحته ؛ لما عرفت هنا من قصور دليل أصالة الإباحة عن شموله للمقام.
وينبغي هنا شرح عبارة الكفاية في هذا المقام ، فقال قدسسره ـ بعد بيان أنّه في مورد العلم الإجمالي بالوجوب أو الحرمة على القول بلزوم الموافقة الالتزاميّة تلزم هي ، وإن كان لا يجب الموافقة القطعيّة العلميّة ، ولا يحرم المخالفة القطعيّة العمليّة لامتناعهما ؛ للتمكّن من الالتزام بما هو الثابت واقعا ، وإن أبيت إلّا عن لزوم الالتزام بالحكم الواقعى بخصوص عنوانه فالموافقة القطعيّة الالتزاميّة بمعنى التزام نفس الحكم الواقعي غير ممكنة ، وأمّا الالتزام بواحد تخييري وإن كان ممكنا ، لكنّه غير واجب ؛ إذ الالتزام بضدّ التكليف ليس محذوره بأقلّ من محذور عدم الالتزام به ، مع أنّ التكليف لو اقتضى الالتزام لاقتضى الالتزام بنفسه عينا دون الالتزام به أو بضدّه تخييرا ـ ما هذا لفظه : ومن هنا ـ يعني ممّا ذكرنا من أنّه لا يجب إلّا الالتزام بما هو الثابت واقعا وإن لم يعلم أنّه الوجوب أو الحرمة ـ قد انقدح أنّه لا يكون من قبل لزوم الالتزام مانع عن إجراء الاصول الحكميّة أو الموضوعيّة في أطراف العلم لو كانت جارية مع قطع النظر عنه ـ لما ذكرنا من إمكان الجمع بين الالتزام بكون حكم الواقع هو الإلزام وبين الالتزام بأنّ حكم هذا الشخص الخارجى هو خصوص الإباحة ـ كما لا يدفع هنا محذور عدم الالتزام به ، بل الالتزام بخلافه لو قيل بالمحذور فيه حينئذ أيضا إلّا على وجه دائر.
يعني كما أنّه لو قلنا ـ كما هو المختار ـ بأنّه لا يجب أزيد من الالتزام بما هو الثابت