كالصلاة في الدعاء ، والقيود الزائدة قيود للمطلوب ، ولها دوالّ أخر لا بمسمّى اللفظ ، وحصول الوضع التعييني التصريحي أعني : ما كان بلفظ وضعت ونحوه من الشارع بالنسبة إلى هذه الألفاظ ممّا ينبغي أن يعلم بعدمه ، لا أقلّ من كونه مستعبدا أو كون مدّعي القطع به مكابرا.
نعم قد يحصل الوضع التعييني بالاستعمال كما قد يتّفق في وضع الأعلام الشخصيّة كقول الوالد : جئني بحسن مشيرا إلى المولود مريدا تسميته بهذا الإسم بهذا الاستعمال ، ويحتاج هذا الاستعمال إلى القرينة لكن لا كقرينة المجاز ، بل لإفهام أنّ المتكلّم واضع للفظ بإزاء المعنى كالإشارة إلى المولود في المثال ، فهذا القسم من التعييني وإن كان لا يمكن إدّعاء الجزم بصدوره من الشارع في هذه الألفاظ لكنّه غير مستبعد.
ثمّ إنّ في الكفاية تصريحا بأنّ هذا الاستعمال ليس بحقيقة ولا مجاز ، أمّا عدم المجازيّة فلأنّه ربّما لا يكون للفظ معنى حقيقي ، وعلى فرضه فالعلاقة بينه وبين المستعمل فيه غير ملحوظة ، وأمّا عدم كونه حقيقة فلأنّ المتكلّم قاصد إحداث الوضع بهذا الاستعمال ، فلا وجود للوضع حين الاستعمال حتّى يكون في الموضوع له ولا ضير في التزام ذلك ؛ إذا لمناط في صحّة الاستعمال هو قبول الطبع وهو موجود في المقام.
لكن يمكن أن يقال بأنّ الوضع الذي هو أمر نفسي قد حصل في نفس المتكلّم قبل الاستعمال ، غاية الأمر أنّه أظهره بالاستعمال ، فهذا الاستعمال كاشف عن كون المعنى موضوعا له للفظ بحسب الجعل القلبي ، واستعمال في الموضوع له معا نظير قول ذي الخيار : بعت قبل قوله : فسخت ؛ فإنّه كاشف عن أمرين طوليين : انتقال المال من المشتري الأوّل إلى البائع ، وانتقاله من البائع إلى المشتري الثاني ، فيكون البيع واقعا في ملك نفسه ، بل المقام أولى بالجواز ؛ لأنّ الفسخ القلبي بمجرّده لا يكفي في التمليك ، بل للكاشف موضوعيّة ومدخليّة في التأثير بخلاف الوضع ؛ فإنّه يتحقّق بمجرّد الجعل القلبي من دون توقّف على الكاشف.