من حيث التناقض لا مانع من اجراء الأصل في كلا الطرفين على كلا المذاقين ، كيف وقد عرفت عدم لزومه في ترخيص مخالفة العلم التفصيلي أيضا ، إلّا أنّه يمكن أن يقال على مذاق من يجعل للحكم مراتب ؛ إنّه وإن كان لا يلزم التناقض مع الواقع ؛ لاختلاف المرحلتين ، ولكن يلزم التناقض مع الغاية التي جعلت في الأدلّة غاية للاصول.
بيان ذلك : أنّ قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهى» كما يدلّ على المطلقية قبل ورود النهي بمعنى معلوميّته ، كذلك يدلّ على عدم المطلقيّة بعد معلوميّة النهي ، فذيل الرواية يدلّ على أنّ تعلّق العلم بالنهى يجعله فعليّا ، وصدره يدلّ على أنّه حال الشكّ فيه غير فعلي ويجوز مخالفته ، فيكون بين الصدر والذيل في أطراف الشبهة تناقض وتهافت ؛ إذ المكلّف في خصوص كلّ واحد شاكّ في الحرمة ، فيكون خصوص كلّ واحد مطلقا مرخّصا فيه باعتبار مشكوكيّة النهي فيه بمقتضى الصدر.
ولا يخفى أنّه مع هذا الشكّ عالم إجمالا بوجود خمر في البين ، فيعلم بخطاب النهي عن شرب الخمر ، فلا يكون هذا المعلوم مطلقا ومرخّصا فيه باعتبار معلوميّة نهيه بمقتضى الغاية ، ولا إشكال أنّ كونه في قيد بالنسبة إلى هذا التكليف المعلوم ينافي كونه مطلقا وبلا قيد من حيث ارتكاب الطرفين ؛ إذ معناه عدم التقيّد بالنسبة إلى ذاك المعلوم.
فإن قلت : لا يلزم ذلك ، إذ المراد بالعلم الذي هو غاية إنّما هو العلم التفصيلي في خصوص الشخص المشكوك.
قلت : هذا مناف للإطلاق ؛ فإنّه بإطلاقه يشمل العالم الإجمالي ؛ فإنّه أيضا عالم بالحكم ، والتقييد بالتفصيلي يدفعه الإطلاق.
فإن قلت : الظاهر من قوله : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» أنّه يعلم في هذا الشيء نهي ، والظاهر من الشيء الأشياء الخارجيّة ، وليس في المقام لنا إلّا شيئان خارجيّان ، فمدلول الرواية أنّ كلّا منهما مطلق حتّى يعلم في خصوصه نهي ، وعلى