بوجوبه وأتى برجاء الوجوب.
وأمّا من جهة النقل فللإجماع على الاعتبار في كلّ من المراحل الثلاث ، والجواب أمّا عن الإجماع فواضح ، فإنّ النزاع كما ترى إنّما هو في منافاة عدم الامور الثلاثة مع العباديّة والمقرّبية عقلا وعدمها ، فالإجماع لو كان محقّقا لم يعبأ به في مثل هذه المسألة ؛ لعدم كشفه عن رأى المعصوم ، كيف وهو في المقام منقول.
وأمّا عمّا ذكر من المنافاة للقرب فبأنّه لا إشكال أنّ من علم بأنّ الفعل الفلاني إمّا واجب عبادي ، وإمّا مباح فأتى به برجاء كونه واجبا قد تحقّق منه الإطاعة والانقياد ويكون حسنا ، بمعنى أنّه غير مساو مع من يترك هذا الفعل قطعا.
وكذلك الكلام بعينه في من يأتى بالفعل الذي علم إجمالا بوجوبه أو استحبابه برجاء أنّه واجب ؛ فإنّه لا يعدّ مساويا مع تاركه بلا ريب.
وأمّا في ما كان الاحتياط مستلزما للتكرار ، فإن لم يكن في البين داع عقلائى كمن أمره المولى بشيء وتردّد عنده بين أشياء ، وهو متمكّن من أن يستعلم من المولى فلم يستعلم وأتى بجميع هذه الأشياء الكثيرة ، لكون واحد منها متعلّقا لغرض المولى فهذا لا كلام فيه ، فإنّه يعدّ مستهزئا ولاغيا عابثا.
وأمّا إن كان له داع عقلائي إلى التكرار كما لو عرض له الشكّ في قلب الليل وتوقّف الاستعلام على إيقاظ العالم وهو حرج عليه ، فإنّ إتيانه حينئذ بكلا الطرفين حسن مرغوب وهو مع غيره التارك غير متساويين قطعا ، فيكون مجزيا وموجبا لسقوط الأمر ، كما أنّه في القسم الأوّل لو كان الأمر في الواقع موجودا أجزأ عنه الإتيان المذكور ، وإن لم يكن موجودا فقد تحقّق منه الانقياد.
وبالجملة ، فبطلان الدعوى في هذه المراحل الثلاث استنادا إلى الإجماع أو دليل العقل المذكورين واضح لا يحتاج إلى البيان.
والذي يمكن الاستناد إليه في إثبات الدعوى في كلّ من المراحل ما أشار إليه شيخنا المرتضى في رسائله ، وهو أن يقال : إنّه لا أقلّ من تحقّق الاحتمال لأن يكون الإتيان بداعي الأمر دخيلا في غرض المولى ، وكذا من المحتمل أن يكون الغرض متعلّقا