فإن قيل : الفرق إمكان الأخذ في المأمور به في سائر المقامات وعدم إمكانه هنا.
نقول : إنّما كان غير الممكن هو الأخذ في المأمور به ، لكن بيان القيد ببيان منفصل كان بمكان من الإمكان ، فكما يحتجّ العبد في سائر المقامات على المولى بأنّه لم ما احدث القيد في المأمور به؟ يحتجّ عليه هنا بأنّه لو أردت القيد فلم ما بيّنته لى في كلام منفصل؟ وبالجملة ، العقل في كلا المقامين يحكم بقبح العقاب بلا فرق أصلا.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ الاحتياط في مقام الامتثال والاكتفاء بالإتيان الإجمالى خال عن الإشكال على جميع الوجوه في تصحيح العبادة ، لكن هذا في ما إذا لم يكن التكرار في مورد يستلزمه الاحتياط لغوا وكان بداع عقلائى ، كما لو شقّ عليه تعيين القبلة أو شقّ عليه السؤال في الشبهة الحكميّة.
وأمّا لو كان التكرار لغوا وعبثا ـ كما لو تمكّن في الشبهة الحكميّة مثلا عن السؤال وتعيين مورد التكليف بسهولة كما لو كان النبيّ جالسا في المجلس ومع ذلك لم يسأل عنه وأتى بأفعال عديدة ـ ولا يراد باللغويّة صدور الفعل بدون الداعي ؛ فإنّ البحث في الفعل الاختياري الغير المنفكّ عن الداعي ، والمقصود تقسيمه إلى قسمين ، أحدهما ما لا يعدّونه لغوا وهو ما يكون بداع عقلائي ، والآخر ما يعدّونه العرف مع وجود الداعي لغوا ، وهو ما إذا كان بداع سفهائي ، كما لو نصب السلّم على سقف البيت ثمّ استلم السقف بعد طيّ الدرج ؛ فإنّ هذا فعل لغو مع كونه صادرا عن الداعي ، فتحقّق أنّ اجتماع اللغويّة مع وجود الداعي ممكن.
ثمّ لا إشكال أنّ من يحتاط بالتكرار يكون الداعى له إلى أصل العمل أمر المولى ، ضرورة أنّه لو لا الأمر لما تحمّل مشقّة ، بل كان يستريح عن العمل رأسا وإنّما تحقّق منه اللغويّة بعد تحقّق هذا الداعي العقلائي منه في طريق الامتثال وكيفيته ، فيقع حينئذ الكلام في الإجزاء في هذه الصورة المفروض ثبوت اللغويّة في كيفية الامتثال بعد صدور أصل العمل بداعى الأمر ، والكلام في ذلك من جهتين :
الاولى : أنّ العمل يتّصف باللغويّة حتى في الفرد المصادف للواقع : والثانية أنّ اللغوية مانعة عن القرب والعباديّة ، أمّا الاولى فنقول : لا إشكال أنّ من يتمكن من