ليس فوق القطع حجّة أحرى وأعلى.
وأمّا الظن فهو بقسميه من المتعلّق منه بثبوت التكليف ، ومن المتعلّق منه بفراغ الذمّة عن التكليف المعلوم الثبوت محتاج إلى جعل الحجيّة ودليل الاعتبار.
إلّا أنّه نقل في الكفاية عن بعض المحقّقين المصير إلى أنّ الظّن بالفراغ يكون حجّة عقلا كالقطع.
أقول : لا نفهم كون الظّن كالقطع وإن قلنا بعدم وجوب دفع الضرر الموهوم ؛ فإنّ معنى كونه كالقطع أنّه يسقط حجّة المولى ولا يصحّ عقابه لو فرض كون العبد مشغول الذمّة واقعا وكون ظنّه بفراغ ذمّته مخالفا للواقع ، كما أنّ القاطع بالفراغ لا يصحّ عقابه لو فرض كون قطعه جهلا مركّبا وكونه غير فارغ واقعا ، وهذا المعنى لا يمكن إثباته في الظنّ ولو على مبنى القول بعدم وجوب دفع الضرر الموهوم.
بيان ذلك : أنّ الحكم بعدم الوجوب لا يوجب رفع موضوع الضرر وتبدّل احتماله ووهمه بالقطع بالعدم ، بل المقصود أنّه مع بقائه على وصف موهوميّته واحتمال طرفي وجوده وعدمه غير واجب الدفع ، ومعنى ذلك أنّه لو وقع أحيانا في الضرر كان هذا الوقوع عقلائيّا ومعذورا فيه عند العقلاء ، فمن يسلك طريقا يظنّ بعدم البئر مثلا فيه ، ويحتمل بطريق الوهم وجود البئر فيه ، لو سلكه ولم يعتن بهذا الوهم فاتّفق وقوعه في البئر كان غير مذموم عند العقلاء.
وبعبارة اخرى ليس إلقاء النفس في الضرر في هذه الصورة قبيحا مستحقّا للّوم والذّم عليه ، فكذلك نقول في المقام ، فإنّ من يعلم من ابتداء الأمر بتوجّه التكليف وقطع باستحقاقه العقاب على الترك ، ثمّ ظنّ بسقوط هذا التكليف عنه فهو محتمل وهما لعدم سقوطه وكونه معاقبا على تركه ، فلو فرضنا حكم العقلاء في هذا الفرض بأن هذا العقاب الذي هو موهوم لا يجب دفعه.
وبعبارة اخرى : لا بأس بالإقدام ولو استلزم الوقوع في العقاب ، فمعناه أنّ الوقوع فيه على تقدير صدق الوهم وقوع في العذاب على نحو عقلائي ، وإمضاء الشرع أيضا ليس زائدا على أنّ الوقوع على هذا النحو عقلائي ، وأين هذا من عدم