قاعدة الإمكان المقرّرة في باب الحيض ، ويظهر الثمرة بينه وبين إرادة الإمكان الوقوعي في أوّل ظهور الدم ؛ فإنّه قبل تبيّن استمراره إلى الثلاثة لا يستقرّ إمكان حيضيّته بالمعنى الثاني ، وقد استقرّ بالمعنى الأوّل ، وهذا أيضا ليس محلا للكلام ؛ فإنّ الاحتمال أمر وجداني فليس قابلا لأن يقع مطرحا لأنظار العلماء.
وثالثة يقال في قبال الامتناع بالعرض الذي يطلق عليه الامتناع الوقوعي أيضا ، وهو ما لا يدرك امتناعه بالوجدان بمجرّد تصوّر ذاته ، بل يحتاج إلى التشبّث بأمر آخر كان هو محالا بالذات ، وكان هذا الشيء محالا لاستلزامه لذاك الأمر المحال ، فيكون امتناع هذا الشيء بالغير لا بالذات ، وهذا هو محلّ البحث في هذا المبحث.
فمحصّل محلّ الكلام أنّه هل يستلزم التعبّد بالأمارات الغير العلميّة بعد الفراغ عن إمكانه ذاتا محذورا حتى يكون ممتنعا وقوعا ، أو هو غير مستلزم لمحذور أصلا فيكون ممكنا وقوعيّا أيضا؟ ، ولا بدّ أن لا يكون هذا الكلام من جهة المقتضي ؛ فإنّ الأشياء من هذه الجهة غير خارجة عن الواجب والممتنع ؛ لأنّها إمّا أن توجد علّتها فتجب ، وإمّا أن لا توجد فتمتنع ، فلا يتصوّر الممكن ، ويساوق القطع بالإمكان على هذا مع القطع بالوجود ، بل يكون الكلام في الإمكان الوقوعي من حيث المانع ، فالقائل بالإمكان مقصوده نفي المانع مع قطع النظر عن المقتضي ، يعني أنّ التعبّد بالأمارة لا يمنع عنه مانع ، ولا ينافي ذلك امتناعه وقوعا لأجل عدم المقتضي.
وكيف كان فقد استدلّ المعروف في قبال ابن قبة : بأنّا نقطع بعدم المانع واقعا ، واستشكل عليهم شيخنا المرتضى قدسسره بأنّ هذه الدعوى فرع الاطّلاع على جميع الجهات المحسّنة والمقبّحة ، وهو غير حاصل لغير علّام الغيوب ، فلا يمكن دعوى الجزم لغيره.
فالأولى أن يقال : إنّا لا نجد من عقولنا مانعا من التعبّد بالأمارة ، والحكم بالإمكان عند ذلك أصل عقلائي في كلّ ما دار الأمر فيه بين الإمكان والامتناع ، نظير عدم وجدان القرينة ؛ حيث يجعلونه في باب الألفاظ عند الدوران بين وجود