المكلّفين سواء العالم والجاهل ، وأنّ الطرق والأمارات ليست تقييدا في أدلّة تلك الأحكام ، ولا شكّ أيضا في أنّ الأحكام الخمسة بأسرها متضادّة.
وإذن فيلزم من التعبّد بالأمارة أن يجتمع في واقعة واحدة اجتماع الضدّين على تقدير مخالفة الأمارة للواقع ، كما لو كانت صلاة الظهر واجبة واقعا وقامت الأمارة على حرمتها ، فيلزم اجتماع الوجوب والحرمة فيها وهما ضدّان ، وكذلك يلزم اجتماع المحبوبيّة والمبغوضيّة ، والمصلحة اللزوميّة والمفسدة اللزوميّة الاجتناب بدون الكسر والانكسار.
ولو قام على إباحة ما هو واجب مثلا واقعا يلزم علاوة على اجتماع الضدّين اجتماع النقيضين ؛ فإنّ الإباحة مضادّة للوجوب ومع ذلك يلزم اجتماع المحبوبيّة وعدمها ، والمصلحة اللزوميّة وعدمها ؛ فإنّ مبدأ الإباحة هو الخلوّ عن المفسدة والمصلحة ، فيلزم في هذا الفرض اجتماع الوجود والعدم في المحبوبيّة والمصلحة وهما نقيضان.
ويلزم التكليف بما لا يطاق في ما لو قام على وجوب المحرّم الواقعي ؛ فإنّه يلزم الإيجاب على كلّ واحد من الفعل والترك ، وكذلك لو قام على إيجاب ضد الواجب الواقعي في زمانه ، فإنّه يلزم إيجاب الضدين في زمان واحد ، ويلزم أيضا تفويت المصلحة اللزوميّة الإدراك ، فإنّه لو قام على إباحة ما هو الواجب واقعا فيلزم أن يكون الشارع قد فوّت مصلحة هذا الواجب على العباد. وكذلك الإلقاء في المفسدة اللزوميّة الاجتناب ، كما لو قام على إباحة ما هو الحرام واقعا ، فيلزم أن يكون الشارع قد ألقى العباد في مفسدة هذا الحرام.
هذا كلّه على تقدير مخالفة الأمارة للواقع ، ويلزم على تقدير إصابتها ـ كما لو قام على وجوب الجمعة الواجبة واقعا ـ اجتماع المثلين ، فيلزم في المثال اجتماع الوجوبين.
فتحصّل أنّ اللازم من التعبّد بالأمارة اجتماع الضدّين ، والنقيضين ، والمثلين ، والتكليف بما لا يطاق ، وتفويت المصلحة ، والإلقاء في المفسدة.
والجواب عن ذلك على وجه لم يلزم شيء من هذه المحاذير يكون على وجوه :