أحدها : أن يكون الأمر بالعمل بمؤدّى الأمارة بنحو الترتّب على الأمر بالواقع وفي طوله ، وبهذا يدفع إشكال اجتماع الضدّين والنقيضين والمثلين في النفس. نعم نحتاج في دفع إشكال تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة ولزوم التكليف بما لا يطاق إلى جواب آخر ، وتوضيح الترتّب في هذا المقام يحصل بمقدّمات ثلاث :
الاولى : أنّه لا إشكال في أنّ الحبّ والإرادة والبغض والكراهة ليس اتّصاف الشيء بها على نحو اتّصافه بالأعراض الخارجيّة ـ كاتّصاف الجسم الخارجي بالبياض ، والنار الخارجي بالحرارة ـ بأن لا يكون لتصوّر هذا الشيء دخل أصلا في اتّصافه كما هو الحال في البياض والحرارة ؛ فإنّ الجسم الخارجي يتّصف بهما في الخارج سواء تصوّره ذهن ذاهن أو لم يتصوّره ، بل كان مغفولا عنه ، وأمّا الحبّ والإرادة ونحوهما فليس الشيء الخارجي في حال الغفلة وعدم تصوّره ، متّصفا بها ؛ فإنّها امور نفسانيّة ، فلا يعقل تعلّقها بالأمر الخارجي بلا وساطة تعقّله في النفس.
وإن شئت قلت : إنّ الحبّ والإرادة يتعلّقان بالأشياء المتصوّرة ، غاية الأمر على نحو يراها المتصوّر خارجيّة ، وأمّا بلا توسيط التصوّر والالتفات فلا اتّصاف ، ولا فرق بين أوامر الباري تعالى وغيره ، فوساطة الرؤية والالتفات محتاج إليها ، ولا يمكن اتّصاف الخارج الصرف ، غاية الأمر أنّ الرؤية والالتفات فيه تعالى ليس على حذوه في غيره.
الثانية : الموضوع المتصوّر تارة يكون على وجه بأيّ حالة تصوّره المتصوّر وكلّ طور تفكّر له المتفكّر فهو في جميع تلك الحالات وجميع تلك الأطوار مريد ومحبّ له ، وليس شيء من هذه الأطوار والحالات دخيلا في حبّه وإرادته ، واخرى يكون على خلاف هذا بأن يرى المتفكّر أنّه لو تصوّره مع بعض الحالات وضمّ إليه في عالم التصوّر بعض الأطوار فهو محبّه ومريده ، ولو تصوّره في غيره هذه الحالة وضمّ إليه ضدّها فهو غير مريد.
وهذا على قسمين ؛ لأنّ عدم حبّه في بعض الحالات إمّا يكون لأجل عدم المقتضي في المتصوّر بهذا النحو ، وإمّا أن يكون لأجل الإضرار بغرض آخر له مع