وأمّا الوجود الخارجي الذي هو مجمع للعنوانين فهو لا يوجد في الذهن معنونا بأحدهما إلّا وهو معرّى عن الآخر ؛ إذ المفروض أنّه لا يمكن أن يوجد في الذهن على نحو وجوده في الخارج منطبقا عليه العنوانان حتّى يزاحم في مقام الإرادة المبغوض من العنوانين مع محبوبهما ، ويخصّ الإرادة بصورة تجرّد العنوان المحبوب عن المبغوض.
وبالجملة ، فبعد فرض عدم إمكان دخول كلا العنوانين في الذهن فلا محيص عن إطلاق الإرادة ، فإنّه متى وجد فيه وجد وحده بدون العنوان المزاحم له ، ولازم هذا توجّه الإرادة المطلقة نحوه.
ومحصّل هذه المقدّمات :
أنّ المقدّمة الاولى أنّ الحبّ والإرادة ليس كالأعراض الأخر حتى لا يحتاج إلى تصوّر الموضوع ودرجه في القوّة الخياليّة ، فالجسم متّصف في الخارج بالبياض وإن لم يتصوّره احد ، ولكنّه لا يتّصف بالمحبوبيّة لك قبل أن تتصوّره.
والمقدّمة الثانية أنّ المتصوّر إذا تصوّر الموضوع فلا يخلو من حالين : إمّا أنه لو لاحظه مع كل حالة تتصوّر له في الخيال فهو مع بعض تلك الحالات يكون فيه مقتضى الحب دونه مع البعض الآخر ، وحينئذ فقهرا يتقيّد الإرادة بالبعض الأوّل ، وإمّا أنّه يكون فيه مقتضيه مع كلّ واحدة واحدة ، وحينئذ فإمّا أن يجد في شخص بعض هذه المتصوّرات مانع ، وإمّا لا يجد في شيء منها مانع شخصي عن الحبّ ففي هذه الصورة يسري الحبّ قهرا إلى الجميع.
وأمّا في الاولى فبناء على امتناع اجتماع الأمر والنهي يلزم عقلا تقييد الحبّ ، وليس مقام ملاحظة الأهميّة والمهميّة ، بل وإن كان الضرر الشخصي أضعف بمراتب من النفع الجنسي ؛ فإنّ المحبوب له بدل ومع البدل له يقدّم جانب المبغوض في مقام الإرادة حفظا للغرضين.
والمقدّمة الثالثة أنّه لو فرضنا أنّ هنا موضوعين ، أحدهما يكون فيه مقتضى الحبّ والآخر إمّا ليس فيه مقتضيه ، وإمّا يكون فيه مقتضى البغض ، لكن لا يتّفق