الأمارة كذلك ، وأمّا هو بعد أداء الأمارة فيصير فعليّا.
وحاصل الجواب أنّ دليل الاعتبار ليس إلّا التنزيل للمؤدّى منزلة نفس الواقع لا منزلة الواقع المؤدّى ، وبعبارة اخرى : خبر الثقة مثلا إنّما يحكي نفس وجوب صلاة الجمعة الواقعي، ودليل الاعتبار أيضا ليس أزيد من الالتزام بهذا المضمون وتنزيل ذلك منزلة العلم بهذا المعنى ، وليس حكايته عن الوجوب المؤدّي للطريق ، وليس التنزيل أيضا منزلة الوجوب المؤدّى له ، بل منزلة نفس الوجوب الواقعي.
ثمّ قال ما حاصله : اللهم إلّا أن يقال : إنّ دليل الحجيّة يدّل على تنزيل المؤدّى منزلة الواقع ذى الطريق بدلالة الاقتضاء ، فإنّه لو كان تنزيله منزلة نفس الواقع فكما أنّ نفس الواقع إنشائي ليس له وجوب اتّباع ، فكذا المجعول بدليل الحجيّة أيضا يصير حكما إنشائيا ليس له وجوب اتباع ، فيكون لغوا ، فلصون الكلام عن اللغوية لا بدّ من الحمل على أنّ التنزيل إنّما هو منزلة الواقع ذي الطريق ، فكما أنّ الواقع ذي الطريق له وجوب اتّباع ، فكذلك مؤدّى الأمارة.
ولكن هذا إنّما يتمّ في ما إذا لم يكن للحكم الإنشائي أثر أصلا ، وإلّا أمكن التنزيل بلحاظ ذلك الأثر ، كما لو كان الحكم الواقعي حليّة اللحم ، فيصح تنزيل مؤدّي الأمارة منزلته لا من حيث جواز الأكل ، ولكن من حيث جواز الصلاة في الشعر والوبر وسائر الأجزاء ، هذا حاصل الإشكال الأوّل.
وحاصل الإشكال الثاني أنّه لو كان الحكم في المورد المزبور شأنيا لزم إمّا عدم المورد لشيء من الاصول والأمارات ، وإمّا التنافي والتناقض بحسب الاحتمال ، بيان ذلك أنّه لا إشكال أنّ موضوع الاصول والأمارات هو الشكّ في الحكم الفعلي دون الشأني ، ضرورة أنّه لو قطع بكون الحكم المحتمل وجوده في المقام شأنيّا فلا مجرى لشيء من الاصول والأمارات.
فنقول : لو كان الحكم الواقعي المحتمل ثبوته في مورد الأصل والأمارة مقطوع الشأنية وغير محتمل الفعليّة فيلزم عدم جريان شيء منهما في شيء من الموارد ، فيصيران بلا مورد ، وإن كان محتمل الفعليّة فيلزم احتمال حكمين متناقضين في