موضوع واحد ؛ فإنّ الحكم الذي أفاده الأصل أو الأمارة فعلي بلا شكّ ، فاحتمال الفعليّة في الحكم الواقعي أيضا مع كون أحدهما الحليّة والآخر الحرمة مثلا ليس إلّا احتمالا لوجود التناقض ، وكما أنّ القطع بالتناقض محذور كذلك احتماله أيضا ، هذا على تقدير القول بكون الحكم الفعلي ذا مرتبة واحدة وهو الفعلي من جميع الجهات.
وأمّا على ما ذكرنا من تحقّق الفعلي ببعض الجهات وكون الحكم الواقعي من هذا القبيل فلا يلزم هذا الإشكال ، وذلك لأنّ الحكم المدلول للأصل أو الأمارة وإن كان فعليّا بالقسم الأوّل ، ولكنّ الواقعي المشكوك فعلي مع قطع النظر عن الحكم الظاهري المذكور ، وهذا ليس بتناقض محتمل ، وإنّما يكون لو كان كلا الحكمين فعليّا بالقسم الأوّل ، ووجه عدم التناقض في الأوّل أنّه قد اخذ في فعليّة أحد الفعليتين قطع النظر عن الآخر ، ثمّ أخذ في بطلان الجواب بالترتّب بأنّ الحكم الظاهري وإن كان لا يجتمع مع الواقعي في رتبته ، ولكنّ الواقعي يجتمع معه في رتبته ، فيلزم اجتماع الضدّين وسائر المحاذير في هذه الرتبة.
هذا محصّل كلامه قدسسره في هذا المقام وقد عرفت الجواب عن إشكاله في جواب الترتّب فلا حاجة إلى الإعادة.
وأمّا إشكاله الأوّل على الجواب بكون الواقعي إنشائيّا بأنّه على هذا يلزم أن لا يصير الواقع بعد قيام الأمارة منجّزا فإنّ الأمارة إنّما يحكي نفس الواقع دون الواقع ذي الطريق ، والمفروض أنّ الواقع حكم شأني.
فجوابه أنّ الحكم الشأني لا بدّ في الحكم بفعليّته في زمان من التماس دليل دالّ على أنّه متى يصير فعليّا؟ فإنّ من يبنى على كون الواقعي إنشائيّا فلا محالة يكون مآل أمره إلى هذا ، ولا شكّ أنّ قضيّة قوله : الناس في سعة ما لا يعلمون ، ورفع عن امّتي ما لا يعلمون، هو ارتفاع السعة بعد العلم ، فيكون المحصّل منها أنّ الحكم الواقعي متى تعلّق به العلم يصير فعليّا ، ثمّ لو قام الأمارة على حكم نقول بفعليته أيضا بواسطة قيامها مقام العلم في جميع الآثار ، فإنّ العلم المأخوذ في هذه الادلّة طريقي بلا إشكال ، فيكون مفادها أنّه متى تعلّق العلم أو قام طريق معتبر على حكم يصير فعليّا.