وحينئذ فالأمارة علاوة على حكاية الواقع يفيد أمرين آخرين ، أحدهما تعبّدي وهو صيرورة الحكم بسبب قيامه فعليّا ، فهذا مأخوذ من التعبّد ، وهو الأدلّة المذكورة المعلّقة لرفع السعة على العلم بضميمة أدلّة الاعتبار الدالّة على تنزيل المؤدّى منزلة الواقع.
وبعبارة اخرى : موضوع الفعليّة له جزءان ، أحدهما الحكم ، والآخر قيام الطريق المعتبر عليه ، ففي مورد الأمارة الجزء الثاني محرز بالوجدان ولا حاجة فيه إلى التنزيل ، بمعنى أنّه لا حاجة إلى تجشّم أنّ مفاد دليل الاعتبار بدلالة الاقتضاء هو تنزيل المؤدّى منزلة الواقع ذي الطريق ، وذلك لأنّ الحكم بعد قيام الأمارة عليه يكون ذا طريق قهرا ، نعم في كونه هو الواقع يحتاج إلى التنزيل ، ودليل الاعتبار متكفّل لهذا التنزيل وإن فرض كون الواقع إنشائيّا لا أثر له أصلا ؛ فإنّ التنزيل بلحاظ الأكثر التعليقي صحيح ، أعني كون الواقع الإنشائي بحيث لو لا تعلّق به العلم أو الطريق يصير فعليّا.
والحاصل أنّ مؤدّى الطريق يكون واقعا لو تعلّق به العلم أو الطريق ليصير فعليّا بدليل التنزيل وتعلّق الطريق به بالوجدان.
والأمر الآخر الحاصل من الأمارة عقلي وهو التنجيز ، فالأمارة تحكي الواقع بدليل الاعتبار وتوجب الفعليّة بدليل الرفع والسعة ويوجب التنجّز بمقدّمات عقليّة.
الامر الثالث
بعد تبيّن إمكان أصل الحجيّة نتكلّم قبل الشروع في الوقوع في الشك فيها. فنقول : لو شكّ في حجيّة شيء ولم يظفر بعد الفحص بالدليل عليها فهو كالمقطوع عدم حجيّته.
بيان ذلك أمّا على رجوع الحجيّة إلى الإيجاب الشرعي بمعنى إيجاب الاتّباع فواضح ، فإنّ هذا الإيجاب ليس بأزيد من إيجاب نفس الواقع ، مثلا لو أوجب