وأمّا قبل الفحص فإن كانت قائمة على رفع التكليف فهو كما بعد الفحص في أنّه على تقدير الثبوت لا أثر لوجودها الواقعي ، فلو كان التكليف موجودا في الواقع وتحقّق أسباب تنجّزه مثل العلم الإجمالي ، لا تصير هذه الحجّة مسقطا وإن كانت مثبتة للتكليف ، فإن كانت بحسب الواقع ثابتة والمكلّف لو فحص لظفر فهو كمن هو عالم بالحكم.
وبعبارة اخرى : الوجود الواقعي للحكم في هذا التقدير منجّز ؛ إذ ليس الساتر بينه وبين المكلّف سوى التكاهل والتهاون عن الفحص الجزئي ، فكذلك الحجيّة بأيّ المعنيين يكون في هذا التقدير بوجودها الواقعي منجّز ؛ إذ ليس الساتر بينها وبين المكلّف سوى التهاون في الفحص بالمقدار المتعارف ، فلو كانت مثبتة للتكليف وخالفها المكلّف فهو كمن خالف الحجّة المعلوم الحجيّة في الاستحقاق للعقوبة إذا كانت الحجّة مطابقة للواقع.
وأمّا قبل الفحص مع كون الحجّة ثابتة في الواقع ولم يكن المكلّف على فرض الفحص المتعارف ظافرا به في علم الله ، فقد اختار شيخنا المرتضى قدسسره في الشكّ قبل الفحص في نفس الحكم الواقعي استحقاق العقوبة ، فإنّ نفس التكاليف الواقعيّة لها اقتضاء الاستحقاق ، غاية الأمر أنّ العذر مانع عن العقاب ، فلو فحص ولم يظفر كان العذر ثابتا ، وأمّا لو لم يفحص فهو وإن كان في علم الله لو تفحّص لم يظفر ولكن ليس له في قبال العقاب عذر.
فعلى هذا المبنى يكون الحال في الشكّ قبل الفحص في الحجيّة أيضا ذلك ، فيقال : لو فحص ولم يظفر فهو معذور ، ولكن قبل الفحص ليس له عذر ، فعدم العذر إنّما هو من أثر الشكّ المذكور ، ووجود الحجيّة وعدمها سيّان ، بل على هذا يكون في صورة كونه لو فحص لظفر أيضا كذلك ، يعني أنّ الشكّ هو المنجّز لا الحجّة الواقعيّة.
ولكن منعنا هذا الكلام في ذلك المقام بأنّ العقاب بلا حجّة قبيح ، ولا يمكن أن يكون الشكّ حجّة ، فمن شكّ في ثبوت التكليف ولم يفحص وجه كونه ملزما بالاحتياط أو الفحص أنّه شاكّ في أنّ العقاب مع الحجّة أو بلا حجّة ، فلهذا يحكم