عقله بالاحتياط أو الفحص حتى يستريح ، ولا يحكم باستراحته قبل الفحص ؛ لاحتمال وجود الحكم في الواقع ووصول المكلّف إليه لو فحص عنه بحيث يكون حجّته على العقاب على هذا التقدير هو هذا الحكم الواصل ، لا الشكّ قبل الفحص بنفسه.
وبعبارة اخرى : الشكّ قبل الفحص بيان قطعي على البيان ، لا أنّ نفسه بيان ، وأمّا على ما هو المفروض من أنّه وإن فحص فهو لا يصل إلى الحكم في علم الله فعقابه عند الله عقاب بلا حجّة وإن كان هو يحتمل كونه عقابا مع الحجّة ، ولا يرخّصه عقله بالاستراحة ، بل يوجب عليه الفحص من باب دفع الضرر المحتمل ، وعلى هذا ففي الشكّ في الحجيّة قبل الفحص مع عدم الظفر على تقدير الفحص يحكم بعدم الاستحقاق بعين هذا البيان.
فإن قلت : كما أنّه لو علم المكلّف بأنّ هذا المائع خمر وكان غصبا تقولون بأنّه مستحقّ للعقوبة ، ووجهه أنّه خالف تكليف المولى مع وجود الملزم ، فكذلك الحال في الشكّ قبل الفحص ، الملزم ، وهو نفس الشكّ موجود ، والمفروض وقوعه في مخالفة الواقع.
قلت : وجه الاستحقاق في المثال أنّه علم بأصل الحرمة الشرعيّة التي كانت نتيجة لقياس «كلّ خمر حرام وهذا خمر فهو حرام» والمفروض إصابة علمه في هذه الجهة ، وهذا بخلاف مقامنا ؛ فإنّ الشكّ وجه ملزميّته احتمال وجود البيان ، فمع عدم وجوده لا مصحّح في البين ولا يكفي وجود البيان على البيان مع عدم نفس البيان ، وهل هو إلّا كوجود البيان على الواقع مع عدم نفس الواقع ، وإلّا فاللازم في ما إذا كان التكليف المعلوم في أطراف العلم الإجمالي موجودا في جميع الأطراف أن يتعدّد العقاب لو ارتكب الأطراف ، فإنّ وجه تنجّزه أيضا من باب احتمال الواقع المنجّز في كلّ طرف ، فالملزم في كلّ طرف موجود ، فإذا صادف مع الواقع في الكلّ يلزم على قولك تعدّد العقاب ، ووجه الكلّ أنّ المدار على البيان القائم على الواقع ، لا على البيان القائم على البيان.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ الحجّة المشكوكة بعد الفحص يكون مقطوعا