«فصل»
في أنّ ظهور اللفظ متّبع في تشخيص مراد المتكلّم أولا ، وينبغي أوّلا تحرير محلّ الكلام فنقول : الإرادة على قسمين ، إرادة لبيّة وتسمّى بالأغراض ، وإرادة استعماليّة وهي إرادة تفهيم معنى كلّ لفظ عند التنطق به.
فهنا كلام بعد إحراز الإرادة الثانية في أنّها مطابقة للاولى أولا؟ ، كما لو علم بأنّ المتكلّم أراد معاني الألفاظ التي تكلّم بها لنصوصيّتها ، ولكن لا يعلم مطابقتها مع غرضه اللبّي ومقصوده الجدّي ، فإذا قال : أكرم العلماء فيعلم أنّه أراد بالإرادة الاستعماليّة إيجاب إكرام جميع العلماء ، ولكن لا يعلم أنّه بحسب الجدّ أيضا كذلك أو يستثنى بعض الأفراد ، وأخّر بيانها لمصلحة ، ثمّ يبيّنه قبل حضور وقت العمل ، فيقال عند هذا الشكّ : إنّ الأصل العقلائي على التطابق بين الإرادتين ، والكلام في هذا المقام وهذا الأصل ليس مهمّا لنا في هذا المقام.
وكلام في إحراز إرادة المتكلّم معاني ألفاظه بعد الفراغ عن مدلول اللفظ التصوّري الانتقاشي الذي لو سمع من الجدار أيضا يكون مصحوبا للفظ ، أي ينتقش في الذهن ، أعمّ من أن يكون وضعيّا أم انصرافيّا ، أم حاصلا بقرينة حاليّة على التجوّز أو مقاليّة ، ويسمّى هذا بالدلالة التصوّريّة ، ثمّ البناء بعده والحكم بأنّ المتكلّم أراد من اللفظ تفهيم هذا المعنى بالإرادة الاستعماليّة يسمّى بالدلالة التصديقيّة.
فنقول : هنا ثلاثة مقدّمات إذا صارت بجميعها مسلّمة متيقّنة تكون نتيجتها القطع :
الاولى : أنّ غرض المتكلّم إفادة المراد باللفظ لا شيء آخر كالتعلّم للغة العرب في التكلّم بالعربي مثلا.
والثانية : عدم وجود قرينة حاليّة أو مقاليّة في البين دالّة على إرادة خلاف الظاهر.
والثالثة : عدم غفلة المتكلّم عن نصب القرينة على مراده.
فعند تحقّق هذه الثلاثة ومسلميّتها يحصل القطع بأنّ المتكلّم أراد المعاني