وتظهر أيضا فيما إذا تعقّب العام باستثناء كان له قدر متيقّن وكان في الباقي محتملا ، فإن كان الاتّكال على أصالة الحقيقة يقتصر على القدر المتيقّن ويؤخذ بالباقي لمساعدة طبع العام ، وإن كان الاتّكال على أصالة عدم القرينة فيسري الإجمال بالنسبة إلى الباقي إلى العام؛ لأنّ الشكّ ليس في وجود القرينة ، بل في قرينيّة الموجود ، وهذا في الحقيقة مثال للفرض المتقدّم.
وشيخنا المرتضى قدسسره في غير موضع من رسائله ذكر الوجهين على سبيل الترديد ولم يجزم بشيء منهما ، والإنصاف أيضا عدم إمكان الجزم ، وإذن فالقدر المتيقّن أنّهم يتّبعون الظهور في ما إذا لم يكن في البين ما يصلح للقرينيّة وشكّ في وجود القرينة ، وأمّا أنّه للاتّكال على أيّ من الأصلين فليس معلوما.
نعم لو كان معلوما اتّباع الظهور عند وجود ما يصلح للقرينيّة تبيّن أنّ الاتّكال على أصالة الحقيقة ، ولكن لم يعلم اتّباعهم الظهور في هذا المورد ، بل يحكمون بالإجمال ويتوقّفون.
فإن قلت : إذا كان التوقّف في هذا المورد لأنّها مساويا لأصالة عدم القرينة فبه يثبت أنّ الأصل الذي ملاك العقلاء في باب الظهورات هو هذا الأصل ، لا أصالة الحقيقة ، فما معنى قولك : إنّه مع ذلك لا يعلم أنّ الاتّكال على أيّ من الأصلين.
قلت : لا نسلّم أنّه لازم مساو ، بل أعمّ ؛ إذ من المحتمل أن يكون اتّكالهم على أصالة الحقيقة في ذلك المورد ـ أعني الشكّ في وجود القرينة ـ دون غيره والأمر سهل.
إذا عرفت ذلك فالمدّعى في هذا المقام أنّ ظهور اللفظ (١) في معنى يورث حمله
__________________
(١) يعني أنّ الظهور الانتقاشي التصوّري الحادث قهرا حتّى من اللفظ المسموع من الجدار إذا استقرّ ، يعني ما يتيقّن بعد ضمّ اللواحق والضمائم والخصوصيّات المكتنفة به من الحاليّة والمقاليّة ، فهذا المعنى الانتقاشي متى والشكّ في إرادة المتكلّم تفهيمه في مقام الاستعمال ولم يكن في البين ما يورث الإجمال والتوقّف ممّا يصلح للقرينيّة فبنائهم على الأخذ بهذا الظاهر الانتقاشي وأنّه الذي أراد المتكلّم تفهيمه. فلا يقال : إنّ الظهور ـ