«في حجيّة ظاهر الكتاب»
بقي الكلام في ظواهر الكتاب حيث ذهب جماعة من الأخباريين إلى عدم حجيّتها ، وما يمكن أن يكون وجها لهم امور :
الأوّل وهو العمدة : الأخبار القريبة من التواتر الواردة على المنع عن تفسير القرآن والإفتاء به ، وأنّ من فسّره بالرأي فليتبوّأ مقعده من النار.
والثاني : العلم الإجمالى بورود تخصيصات كثيرة على عمومات القرآن ، وتقييدات كذلك على إطلاقاته ، وتجوّزات كذلك على ظواهره ، فكلّ آية أردنا التمسّك بها والعمل بظاهرها كانت طرفا للعلم الإجمالي ، فليس بحجّة.
والثالث : أنّ في القرآن محكما ومتشابها ، وورد المنع عن الأخذ بالمتشابه في الآية ولم يتبيّن لنا أنّ الآيات المتشابهة كم هي وما هي ، فكلّ آية أخذنا بها يحتمل كونها من المتشابهات.
والرابع : حصول التحريف في القرآن كما يشهد به الأخبار ، وإذن فكلّ آية محتملة لأن يكون غير قرآن ، أو يكون قرآنا ولكن كانت متّصلة بقرينة فسقطت تلك القرينة ، وبالجملة ، فلا يحصل الوثوق بشيء من ظواهر الآيات ؛ لاحتمال التحريف.
والجواب أمّا عن الأخبار المانعة عن التفسير والإفتاء بالقرآن فبأنّ هذه الأخبار ثلاث طوائف :
الاولى : ما يشتمل على التفسير بالرأي مثل النبوي «من فسّر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار».
والثانية : ما يشتمل على التفسير بدون التقييد بكونه بالرأي ، مثل قوله عليهالسلام : «ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن».
والثالثة : الخبران الواردان في منع المفتين من العامّة وهما أبو حنيفة وقتادة عن الإفتاء بالقرآن.