أحدهما مرسلة شبيب (شعيب خ ل) بن أنس عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه «قال لأبي حنيفة : أنت فقيه أهل العراق؟ قال : نعم ، قال : فبأيّ شيء تفتيهم؟ قال : بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ، قال : يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حقّ معرفته ، وتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال : نعم ، قال عليهالسلام : يا أبا حنيفة لقد ادّعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلّا عند أهل الكتاب الذي انزل إليهم ، ويلك وما هو إلّا عند الخاصّ من ذريّة نبيّنا صلّى الله على وآله ، وما ورثك الله من كتابه حرفا»
وثانيهما : رواية زيد الشحّام «قال : دخل قتادة على أبي جعفر عليهالسلام ، فقال له : أنت فقيه أهل البصرة؟ فقال : هكذا يزعمون ، فقال : بلغني أنّك تفسّر القرآن ، قال : نعم ، إلى أن قال : يا قتادة إن كنت قد فسّرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد فسّرته من الرجال فقد هلكت وأهلكت ، ويحك يا قتادة إنّما يعرف القرآن من خوطب به»
أمّا الطائفة الاولى والثانية فلا دلالة فيهما على المنع ، ووجه ذلك أنّ تقرير معنى الكلام عند غير أهل اللسان كتقرير الكلام العربي بلسان الفارسيّة عند أهل هذا اللسان لا يكون تفسيرا بل هو ترجمة.
وأمّا تقريره عند أهل اللسان مثل ما إذا قال مولى لعبده : أكرم العلماء ، فقال هذا العبد لرفيقه أنّه قال لي مولاي : أكرم العلماء ، أو نقل مطلب الغير بغير ألفاظه بما لا يتغيّر بسببه المطلب فليس هذا أيضا تفسيرا ، بل يسمّى بنقل القول ، فالتفسير إنّما يصدق إذا كان في المراد من الكلام محجوبيّة ومستوريّة واندماج ، فرفع هذه المحجوبيّة وصنع له ظاهر بمعونة التّدبر وإعمال الفكر ، فحينئذ يقال : إنّه فسّر الكلام وشرحه ، أي كشف القناع والحجاب عن وجه معناه ، وهذا ظاهر.
ثمّ لو سلّم كون حمل اللفظ على ظاهره من التفسير ، فلا نسلّم كونه تفسيرا بالرأي ، فإنّ المراد بالرأي الاعتبار الظنّي الذي لا اعتبار به ، فيكون منه حمل اللفظ على خلاف ظاهره لرجحانه بنظره ، وحمل المجمل على محتمله لمساعدة الاعتبار ، و