«في اعتبار قول اللغوي»
ومن جملة الظنون التي ادّعي خروجها عن الأصل واقيم الدليل على حجيّتها الظّن الحاصل من قول اللغوي ، والظاهر أنّ المراد به هنا الظنّ النوعي كما في باب الظواهر دون الفعلي ، والمراد حجيّة قوله في تشخيص ظواهر الألفاظ بعد فهم مراده الجدّي من ظواهر كلامه أو نصوصه ، فيقال : هذا الذي ثبت مراديّته جدّا بظاهر كلامه ـ كما مرّ في الباب المتقدّم ـ أو بنصّه يجب الحكم بمطابقته مع الواقع.
والحاصل : أنّ الكلام هنا في تطبيق الإرادة الجدّي مع الواقع بحسب العمل ، وهو غير تطبيق الإرادة الاستعماليّة مع الإرادة الجدّية ، فالمدّعى تصديقه في العمل وترتيب آثار الصدق على مفاد قوله في مقام تشخيص الظواهر وإن لم يورث الظّن الفعلي ، نظير حجيّة قول العادل ، فكما لو أخبر العادل وكان ظاهر كلامه أو نصّه ملكيّة هذا لزيد يرتّب عليه آثار الملكيّة الواقعيّة تعبّدا وإن لم يورث الظنّ فعلا ، فكذا لو أخبر اللغوي بأنّ لفظ الصعيد موضوع لمطلق وجه الأرض ، وظاهر هذا شموله للرمل والحجر أيضا ، فلا بدّ من ترتيب أثر الواقع على هذا الظاهر وإن لم يظن بالصدق ، فيحكم بترتيب الأثر الشرعي المرتّب على الصعيد على الرمل وو الأحجار (١).
__________________
(١) والحاصل : قد يحصل للإنسان بعد مراجعة كتب اللغة الاطمئنان بالمعنى فهذا في الحقيقة اعتماد على الاطمئنان ، والمدّعى من حجيته في المقام هو الاعتماد على قوله ولو لم يورث ظنا أصلا ، بل ولو حصل على خلافه نظير الحجيّة في الظواهر وقول البيّنة ، فالمقصود منها صحة الاحتجاج بين العبد والمولى وإن كان السر هو الكشف النوعي وحصول الظنّ منه نوعا. منه قدسسره الشريف