لم يكن ذلك بصلاة ، فيبقى الصور المختلفة غاية الاختلاف في الكيفيّة المتّحدة في الغرض ، فيكون فيها وحدة اعتباريّة ناشئة من جهة وحدة الغرض ، وهي محفوظة في جميع تلك الصور، فهذه الوحدة معروضة للصحّة والفساد والتمام والنقص ، لكن ليس الغرض الواحد مطلقا كافيا ؛ فإنّ الإتيان بأفعال الصلاة بغرض واحد مثل تحليل الغذاء أو بغرض السخريّة والاستهزاء ، كما لو اجتمع جماعة من الكفّار فأقاموا الصلاة جماعة استهزاء بأهل الإسلام ، فلا يصدق اسم الصلاة في العربيّة و (نماز) في الفارسيّة على هاتين ، فليس في البين سوى المركّب ، غاية الأمر أنّه لم يلحظ على نحو التفصيل ، بل على نحو الإجمال والبساطة ، بخلاف الجامع البسيط على قول الصحيحي فإنّه أمر منتزع عن المركّب.
بل يمكن إدّعاء أنّ وجود الجامع بين الصحيح والفاسد بديهيّ ، ألا ترى صحّة التقسيم إليها ، فيقال : الصلاة إمّا صحيحة وإمّا فاسدة ؛ فإنّه وإن سلّمنا كونه من باب التقسيم إلى الحقيقة والمجاز ، لكنّه لا يتصوّر بدون وجود مقسم جامع بين القسمين ، وأيضا فالصحيحي يتسلّم أنّ استعمال هذه الألفاظ في الفاسد صحيح مجازا ، ولا شكّ أنّه لا بدّ أن يكون بين الحقيقة والمجاز جهة جامعة يعبّر عنها بالعلاقة ، كالشجاعة الجامعة بين الأسد والرجل الشجاع ، والأعمّي يقول بأنّ هذه الجهة الجامعة هي مسمّى اللفظ.
وكيف كان فهل الأمارات المميّزة للحقيقة عن المجاز من التبادر وعدم صحّة السلب مؤدّية إلى الوضع للصحيح أو الأعمّ؟ الكلام في ذلك أنّه من المعلوم أنّ المنسبق إلى أذهان المتشرّعة من لفظ الصلاة مثلا هو المركّب من الأفعال المخصوصة ، لا العنوان البسيط المنتزع عنها ، وقد عرفت أنّ الجامع المركّب لا وجود له بين الأفراد الصحيحة ، فيكون هذا التبادر شاهدا للأعمّي ، وأيضا من المعلوم بالرجوع إلى الوجدان أنّ سلب الصلاة عن الفاسدة يحتاج إلى العناية وليس كسلب الحجر عن الإنسان بل كسلب الإنسان عن البليد ، فظهر أنّ التبادر وعدم صحة السلب كلاهما مع الأعمّي وإن استدلّ بهما للصحيحي ، وهما العمدة في أدلّة الطرفين ، و