والحاصل : إن كان مقصود المستدلّ إثبات الحجيّة مع ملاحظة انسداد باب العلم بمعظم الأحكام وسائر مقدّمات دليل الانسداد فهذا منتج لحجيّة كلّ ظنّ فعلي ، وقول اللغوي إذا حصل منه الظّن الفعلي يصير حجّة بملاك مطلق الظنّ وإن فرض انفتاح باب العلم باللغات في غير هذا المورد ، والمقصود إثبات كونه ظنّا مخصوصا.
وإن كان المقصود إثباتها مع قطع النظر عن انسداد العلم بمعظم الأحكام بمعنى أنّ أخبار الثقات كانت حجّة وهي وافية بمعظم الفقه ، ومعاني ألفاظها أيضا غالبا طريق العلم بها موجود ولا يحتاج إلى الرجوع إلى اللغوي ولا يلزم من عدم الرجوع إليه إلّا الانسداد في الشاذ النادر ، فالقاعدة في هذا الشاذ النادر يقتضي الرجوع إلى الاصول العمليّة بعد انقطاع اليد عن العلم والعلمي وإن فرض انسداد باب العلم باللغات في غير الأحكام ، ولا يقتضي مجرّد وجوب الاجتهاد على المجتهد حجيّة قول اللغوي في هذا المورد.
فإن قلت : نعم لا حاجة إليه بالنسبة إلى تشخيص أصل المعاني ، وأمّا موارد الحاجة إلى قوله في تفصيل المعاني وتعيين الحال في المصاديق المشكوكة فأكثر من أن يحصى كما في ألفاظ الوطن والمفازة والتمر وغيرها.
قلت : الإنصاف عدم الحاجة رأسا في تعيين تفاصيل المعاني أيضا : ووجه ذلك أنّا نقطع بأنّه كما في لغة العرب لفظ الماء بإزاء المعنى الخاص كذلك في لغة الفرس لفظ (آب) موضوع له ، وإذا خلط مقدار من التراب في مقدار من الماء بحيث حصل لنا الشكّ في صدق مفهوم (آب) فلا شكّ أنّ العرب أيضا في صدق الماء عليه متحيّر وشاكّ ، فلا معنى لرجوع طائفة الفرس إلى طائفة العرب في تشخيص مصاديق المفاهيم بعد فرض عموم التحيّر وثبوت الشكّ في كلتا الطائفتين ، بل المرجع ليس إلّا تخلية كلّ طائفة ذهنه واستفهام الحال من المخلّى بالذهن من هذه الطائفة لا استفهام العجمي من المخلّى بالذهن العربي.
وكذا الحال في سائر الألفاظ المشكوكة في سعة مفاهيمها وضيقها ، فإنّ الوطن نقطع بأنّ مرادفه في الفارسيّة (جايگاه) ، وكذا المفازة ؛ فإنّها اسم للمهالك ، سميّت