إلى اللغوي يرفع احتمال الاتكال إلى القرينة بأصالة عدمها ، فيثبت بذلك كون المعنى حقيقيّا، فينفع ذلك للمواضع التي نجد اللفظ في كلام الشارع أو غيره بدون قرينة ، فنحمله على هذا المعنى.
فنقول : قد تقدّم في بعض المباحث السابقة أنّ القدر المعلوم من العمل بهذا الأصل هو ما إذا كان الشكّ في المراد مع محرزيّة الموضوع له ، مثلا لفظ الأسد الذي نعلم بأنّه موضوع للحيوان المفترس ، ومجاز في الرجل الشجاع لو شككنا في أنّ المتكلم ب (جئني بأسد) هل أراد الأوّل أو الثاني ، فعند هذا يجري الأصل لتشخيص المراد.
وما نحن فيه عكس هذا ، فنعلم أنّ هذا المعنى مراد في استعمال العرب ، والشكّ في المعنى الموضوع له ، وهذا هو الذي وقع محلا للنزاع بين السيّد والمشهور ، فذهب السيّد إلى أنّ الأصل في الاستعمال الحقيقة ، وذهب المشهور في قباله إلى أنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة ، فلا يمكن الجزم لمكان هذا النزاع بحجيّة الأصل المذكور لإثبات الوضع في مقام الشكّ في الموضوع له مع إحراز المراد وإنّما الثابت حجيّته لإثبات الإرادة في مقام الشكّ في المراد مع إحراز الموضوع له ، والظاهر أنّ من قبيل الثاني تشخيص مصداق العامّ بأصالة عدم التخصيص في ما إذا علم عدم حكم العام في موضوع وشكّ في أنّه داخل في أفراد العام حتّى يكون خروجه عن الحكم تخصيصا أو خارج حتى يكون تخصّصا.
وقد وقع في مواضع من مكاسب شيخنا المرتضى قدسسره ، مثلا لو قال : أكرم العلماء وعلم بأنّ زيدا لا يجب إكرامه ، بل يحرم ، ولكن لم يعلم أنّه عالم حتى يكون تخصيصا في العامّ ، أو جاهل حتى يكون تخصّصا فيه.
فربّما يقال في هذا أيضا : أنّ الثابت جريان هذا الأصل في ما إذا كان الشكّ في الحكم بعد إحراز الموضوع ، وهذا شكّ في الموضوع بعد إحراز الحكم ، فإذا علم أنّ زيدا عالم يصحّ [إجراء] أصالة عدم التخصيص لإثبات وجوب إكرامه ، وأمّا إذا علم أنّه محرّم الإكرام فلا يصحّ إجرائها لإثبات جهله.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ الشكّ هنا يرجع بالأخرة إلى المراد الإجمالي من العام ،