الظواهر كبرويين ولكنّهما بالنسبة إلى عينيّة طريقة الشرع مع طريقة العرف ليسا إلّا صغرويين، يعني أنّ الرسم المألوف بين أهل العرف جرى على أنّ من يتكلّم مع مخاطبه بالرمز لا يكون للغير حقّ بأن يعيّن المراد بالأخذ بالظواهر.
وكذا على أنّ غير المقصود بالإفهام لا يكون له تعيين المراد بالرجوع إلى الظواهر ، لا أنّ هذا طريقة جديدة مخترعة مجعولة للشرع.
وبالجملة ، لا يلازم كبرويّة النزاع على الكبرى التي اتّخذها صاحب الكفاية كبرويّتها على كبرى الشيخ قدسسره ، فلا وجه للإيراد والاعتراض.
تتمّة ، لو اختلفت القراءة في آية على وجهين مختلفين في المؤدّى مثل «يطهرن» بالتخفيف و «يطّهرن» بالتشديد (١) فلا إشكال أنّ المتضادّين لا يمكن أن يكون
__________________
(١) فإنّ الطهارة من قبيل الحصول والانفعال نحو الشرافة والكرامة ، والتطهّر من قبيل الفعل والحركة ، ويعبّر عن الأوّل بالفارسيّة ب «پاك شدن» وعن الثاني ب «پاك كردن» وباب التفعّل وإن كان لازما لأنّه للقبول والمطاوعة إلّا أنّ الكون من قبيل الفعل والحركة يلائم مع اللزوم والتعدّي ، ألا ترى أنّ «ضحك» و «تبسّم» و «ذهب» ونحوها أفعال لازمة ومع ذلك يكون من قبيل الفعل والحركة للفاعل دون ما كان قهريّ الحصول له.
والحاصل أنّ قراءة التخفيف لا شبهة في كونه من قبيل الحصول المعبّر عنه في الفارسيّة ب «شدن» فلا محالة يكون عبارة عن الطهارة عن الدم ، فيكون غاية الحرمة على هذا هو الانقطاع ، وأمّا التطهّر فحيث إنّه من باب التفعّل وهو لم يستعمل في ما عهدنا من مواضع استعماله في الحصول ، بل استعمل في الكلّ في الفعل والحركة للفاعل سواء استعمل في القبول والمطاوعة أم الغي عنه ذلك فلا محالة يكون عبارة عن التطهير الذي هو من مقولة الفعل الاختياري للفاعل ، وليس ما كان فعلا للمكلّف في المقام وصالحا للغائيّة للحرمة سوى الغسل ، وأمّا غسل الفرج فهو وإن كان فعلا ولكنّه لم يقل بغائيته قائل ، فتعيّن معنى الآية على هذه القراءة في غائيّة الغسل بالضم ، وحيث لا يمكن إرادة كليهما فلا بدّ إمّا من حمل الطهارة على الطهر الحاصل عقيب التطهّر ، فيكون المراد الطهارة من الحدث ، وإمّا من حمل التطهّر على المعنى الحصولي ، ولا يخفى أنّ الثاني مستلزم للتجوّز بخلاف الأوّل ، فإنّه لم يؤخذ في معنى الطهارة إلّا مجرّد الحصول ، وأمّا عدم تعقّبه للفعل ـ