الناس وهذا الأمر محتمل لمعنيين ، الأوّل : أن يكون المفاد نظير مفاد دليل التعبّد بالخبر ، فكما أنّ مفاده لزوم البناء العلمي على كون ألفاظ الخبر صادرة عن المعصوم ، فكذا مفاد هذا أيضا هو البناء على أنّ ما يقرئه الناس هو القرآن وترتيب آثار القرآن الواقعي عليه ، ففي صورة الاختلاف يصدق على كل قراءة أنّه ما يقرئه الناس ، فيلزم البناء على قرآنيّة الجميع ، فيصير القراءتين المتعارضتين في المؤدّي بمنزلة خبرين متعارضين رواهما الثقة.
والثاني : أن يكون الغرض من الأمر بقراءة القرآن الذي يقرئه الناس هو الردع عن التفحّص عن القرآن الذي جمعه الأمير عليهالسلام وأتاه إلى الجماعة ، فقالوا : كفانا ما بأيدينا ، فقال لا ترونه حتّى يجيء به ابني مهدي عليهالسلام ، وعلى هذا فيكون المستفاد من هذا الأمر حصول ثواب قراءة القرآن على قراءة ما يقرءوه وترتيب آثار قراءة القرآن الواقعي عليه ، فلا تعرّض فيه لجواز العمل بالحكم الذي هو مشتمل عليه ، وبالجملة فالمستفاد حينئذ جواز القراءة لا جواز الاستدلال.
ثمّ هذا المعنى أيضا محتمل لوجهين :
الأوّل : أن يكون قضيّة مطلقة شاملة لكلّ قراءة حتى في صورة اختلاف القراءات ، فمفاده أنّ كلّ قراءة يجوز القراءة على طبقها وتؤثّر أثر قراءة القرآن الواقعي من الثواب وغيره.
والثاني : أن يكون قضيّة مجملة وكان في مقام مجرّد الردع عن فحص قرآن الأمير عليهالسلام والإرجاع إلى ما في الأيدي من دون نظر إلى أنّ في صورة الاختلاف يجوز القراءة بكلّ قراءة أولا؟ فيكون الحال من هذه الجهة موكولة على مقتضى القاعدة ، فإن اتّفقت القراءات فلا كلام ، وإن اختلفت فلا بدّ من ملاحظة الأوثق الأتقن.
وهذان الوجهان وإن كان لا تظهر ثمرة بينهما في ما نحن بصدده ؛ فإنّ كليهما مشترك في سكوت الأمر المذكور عن جواز الاستدلال والعمل على طبق المدلول ، وإنّما يدلّ على جواز القراءة ، فمن حيث العمل والاستدلال لا يجوز الرجوع إلى شيء