من القرآنين وإن كان نصّا ، بل يرجع إلى القاعدة.
نعم تظهر الثمرة بينهما في مقام آخر وهو الآثار المترتّبة على قراءة القرآن ، فعلى الأوّل يحكم بترتّبها على جميع القراءات ، وعلى الثاني على خصوص الأوثق إن كان ، وإلّا فيحتاط ، مثلا وجوب القراءة في الصلاة أثر للقرآن أعني الحمد والسورة ، فإن اختلفت القراءة في واحد من ألفاظ الحمد مثل «مالك» حيث قرء «ملك» أيضا فعلى الوجه الأوّل يجوز القراءة بكلّ منهما ؛ لأنّ قراءة كلّ بمنزلة قراءة القرآن ، وعلى الثاني إن كان أحدهما أقوى وأتقن يتعيّن هو بالقراءة ، وإلّا فيحتاط بقراءة كليهما.
وكيف كان فعلى المعنى الأوّل وهو التنزيل منزلة القرآن الواقعي قراءة وعملا كالخبر يصير القراءتان المتعارضتان كالخبرين المتعارضين ، فإن كان بينهما نصّ أو أظهر يجعل قرينة على الظاهر ، وإن تساويا في الظهور فقد جعل الشارع لتعارض الخبرين قانونا وهو الرجوع إلى المرجّحات ، وعند فقدها التخيير ، دون الرجوع إلى ثالث ، وهذا القانون لو لا التعبّد به من الشرع لكان على خلاف القاعدة ، فإنّ الأمارات إن جعلت حجّة من باب الطريقيّة فقاعدة باب الطرق هو التساقط عند التعارض ، وإن جعلت من باب السببيّة فقاعدة باب الأسباب هو التخيير عند التزاحم كإنقاذ الغريقين ، فالترجيح بالمرجّحات يكون على خلاف القاعدة على أيّ حال ، فيقتصر فيه على مورده وهو الخبران المتعارضان ، فيكون المعمول به في القراءتين هو القاعدة ، وحيث إنّ المختار هو الطريقيّة كان مقتضى القاعدة تساقطهما ، فيجوز القراءة بكلّ منهما ولا يجوز الاستدلال بشيء منهما ؛ فإنّه لا تعارض بينهما بحسب القراءة ، وإنّما التعارض ثابت بحسب العمل ، فيتعيّن الرجوع إلى دليل آخر وهو مختلف بحسب المقامات.
ففي الآية المذكورة يبنى على وجود العموم الأزماني وعدمه ، فإن قلنا بالأوّل يعني بكون كلمة «أنّى» في قوله تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) زمانيّة استيعابيّة استغراقيّة بأن كان الزمان ملحوظا قطعا متعدّدة وكلّ قطعة