ملحوظة على وجه الاستقلال بأن كان المفاد هو جواز إتيان الحرث في كلّ زمان ، فحينئذ يكون المرجع عموم هذه الآية ؛ فإنّه قد استغرقت جميع الأزمان ومن جملتها الزمان بين النقاء والغسل ، وخرج عنه بقضيّة الخاص زمان التلبّس بالحيض ، فيبقى الباقي تحت العموم.
وإن قلنا بعدم إرادته العموم الزماني إمّا بكون كلمة «أنّى» ظرفية مكانيّة ، أو كانت للزمان لكن لوحظ الزمان قطعة واحدة وجعل ظرفا للحكم واستمرّ الحكم باستمراره ، لا أن يكون قد لوحظ كلّ زمان مستقلا ، فالمرجع قاعدة استصحاب حكم المخصّص.
والحاصل أنّ هنا ثلاث صور :
الاولى : أن نقول بتواتر القراءات ، وحينئذ فكأنّ كلّ قراءة منزلة من السماء ، فإن كان في البين أظهر أو نصّ يحكّم على غيره.
والثانية : أن لا نقول بتواترها ولكن قلنا : يجوز الاستدلال واستفادة الأحكام بكلّ قراءة كما يجوز القراءة ، وحينئذ فكلّ قراءة منزلة من السماء تعبّدا قراءة وعملا ، فإن كان في البين أظهر أو نص يحكّم أيضا على غيره.
والثالثة : أن لا نقول لا بالتواتر ولا بجواز الاستدلال ، وأنّ الثابت جواز القراءة ، فكلّ قراءة بمنزلة المنزل من السماء قراءة لا عملا ، وحينئذ لا يجوز التمسّك بالنص والأظهر لو كان أيضا ؛ لاحتمال عدم القرآنيّة.
ففي جميع صور الصورة الأخيرة وفي صورة عدم النص والأظهر من الصورتين الاوليين لا بدّ من الرجوع إلى قاعدة اخرى ، ولا يلاحظ علاج الخبرين المتعارضين بين القراءتين في الصورتين الاوليين ؛ فإنّ الأمارة إذا تعارضت بأمارة اخرى فمقتضى القاعدة هو التساقط والتماس دليل آخر ، وأمّا عدم الخروج عنها إمّا بترجيح إحداهما لو كان مرجّح ، وإمّا بالتخيير بينهما عند فقده فهو خلاف القاعدة ؛ فإنّ المرجّح أيضا إن كان أمارة مستقلّة فهو المرجع ، وإلّا فكونه مرجّحا خلاف القاعدة ، فيقتصر في ذلك على مورد الأخبار العلاجيّة وهو الخبران المتعارضان.