وبالجملة ، ففي القراءتين المتعارضتين مفادا وعملا لا بدّ في جميع صور الصورة الأخيرة وصورة عدم الأظهر والنص من الصورتين الاوليين من الرجوع إلى القاعدة وهو مختلف على المبنيين ؛ لأنّه إن قلنا بأنّ كلمة «أنّى» في آية (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) زمانيّة واستيعابيّة فالمرجع هو العموم الزماني ، وإن قلنا بأنّه غير زمانيّة أو غير استيعابيّة فالمرجع قاعدة استصحاب حكم المخصّص.
وهذا نظير ما ذكره شيخنا المرتضى في رسائله ومكاسبه تعرّضا على المحقّق الكركي في باب الخيارات الحادثة في البين وبعد حدوث العقد ، مثل خيار تلقّي الركبان عند الاطّلاع على سعر البلد في مسألة أنّه هل بعد مضيّ الزمان بقدر الفسخ يبقي خيار أولا؟ فإنّه قد اختار المحقّق الفوريّة مستدلا بآية (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فإنّه يدّل على وجوب الوفاء في تمام الأزمان ، خرج زمان الفسخ بالدليل ، فيبقى الباقي تحت هذا العموم.
واعترض عليه شيخنا بأنّه فرع أن يكون في الآية عموم بالنسبة إلى الأزمنة ، كما أنّ له عموما بالنسبة إلى أفراد العقود ، وليس كذلك ؛ إذ ليس في الآية تقييد بالزمان ، بل هو حكم واحد ممتدّ بامتداد الزمان ، والمفروض أنّه انقطع في جزء من الزمان ، وبعده يحتاج إثباته إلى دليل آخر ، فليس من مقام الرجوع إلى العموم ، بل المرجع استصحاب حكم المخصّص.
توضيح المقام أنّ الاختلاف ينشأ من ناحية الجاعل وكيفيّة جعله وإنشائه ، فقد يجعل هو حكمه بحيث يجعل كلّ زمان زمان موضوعا مستقلا في عالم فرضه ، فينحلّ الحكم بحسب هذا الجعل إلى أحكام عديدة بحسب قطعات الزمان ، وقد يجعل في عالم الفرض حكما واحدا ويلاحظ الزمان شيئا واحدا فيمتدّ هذا الحكم الواحد بامتداد الزمان ما دام موضوعه باقيا.
فلازم الصورة الاولى أنّ الحكم متى ارتفع في زمان بدليل خاص يثبت بعد ذلك الزمان بقضيّة العموم ، ولازم الثاني أنّه لو انقطع حكمه وزال استمراره في زمان فهذا الحكم الواحد المستمرّ قد انقطع استمراره إلى هنا بالدليل ، ولا دليل على ثبوت