آرائهم وتشتّت مذاهبهم من اتّفاقهم في المسألة مع عدم ظهور دليل معتبر ـ الحدس بمطابقة آرائهم مع رأي الإمام عليهالسلام ، فيسميه إجماعا لاشتماله على وجه حجيّته وهو كونه مدركا للحدس عن رأي الإمام.
الأمر الثالث : اعلم أنّ القسم الأوّل يمكن لكلّ أحد دعوى القطع بعدم تحقّقه في الإجماعات المنقولة في كتب أصحابنا الفقهيّة ؛ لعدم الوصول إلى جنابه في هذه الأزمنة إلّا للأوحدي في نادر من الزمان ، فيمكن القطع بأنّ واحدا من تلك الإجماعات ليس مشتملا على قول المعصوم بأن يكون أحد مجمعيه جنابه عليهالسلام.
وأمّا القسم الوسط ففيه جهتان من المناقشة والإشكال ، الاولى : الاستبعاد ؛ فإنّ إحراز الاتفاق يتوقّف على الفحص التام والاطلاع على رأى العلماء الاعلام والسعي والمداقّة حتى لا يبقى واحد منهم ، فإنّه لو احتمل وجود عالم لم يحصل الظفر به وبرأيه وكان مخالفا لم يتم إجراء قاعدة اللطف ، فإجراؤها يتوقّف على العلم بعدم وجود واحد على وجه الأرض من العلماء إلّا وظفر به وحصول الاتفاق بين آراء الجميع ، ومن المعلوم عدم إمكان هذا الأمر لأحد عادة.
ثمّ على تقدير إمكانه في بعض الأحيان كما لو اجتمع جميع علماء الاسلام في بلدة مخصوصة يرد الإشكال الثاني وهو القدح في المبنى ، فإنّه بعد وجود فوت الفيوض الكثيرة والبركات الغفيرة من جهة غيبة الإمام لا غرو في أن يكون هذا أيضا واحدا من الفيوض التى حرمناها بواسطة عدم وجود جنابه فينا ، ومع ذلك لا ينافي اللطف ، فإنّ عدمه عليهالسلام منّا ، فإنّا نحن بذنوبنا أوجدنا السبب لغيبته ، فحرماننا عن فيوض وجوده إنّما هو سوء بلغنا من سوء أعمالنا ، فليس هذا السوء الوارد بنا إلّا منّا ، وإلّا فمن ناحية المولى لم يقع تقصير ولا قصور ، تعالى عن ذلك علّوا كبيرا ، بل أتمّ أسباب ما يقرّب العبد إلى الجنّة ويبعدّه عن النار كما يليق وينبغي ، والتقصير منا ، فابتلينا بسوء أعمال انفسنا وسوء اختيارنا.
وحاصل الإشكال أنّ الواجب عقلا إنّما هو جعل الأحكام ونصب الإمام ، فإنّه مع عدم الأوّل لكان للناس أن يقولوا : أنت السبب في عدم وصولنا إلى الكمال ،