إلى من كان مقلّدا للناقل ؛ فإنّ دليل التقليد قائم في حقّه بحجيّة حدسيّات الناقل له ولزوم اتّباعها عليه.
ثمّ على تقدير تسليم الإطلاق في مفهوم الآية بالنسبة إلى جميع أقسام خبر العادل من الحسيّة والحدسيّة نقول : لا إشكال في أنّ الحدس المبتني على مقدّمة اجتهاديّة بعيدة عن الحسّ ليس في حقّ غير صاحبه من مجتهد آخر حجّة ، كيف ولو كان كذلك لكان اجتهاد كلّ مجتهد في حقّ غيره حجّة ومن قبيل خبر العادل ونقل الثقة لحكم الله ، والمقطوع خلافه، فعلى فرض الإطلاق في الآية يكون مخصّصا بغير الإخبار الحدسي الاجتهادي البعيد عن الحسّ.
فإن قلت : القدر المخرج من هذا الإطلاق هو ما علم استناده إلى اجتهاد المخبر كما هو الحال في فتاوى المجتهدين ، فإنّهم وإن كانوا يخبرون بطريق القطع يكون مؤدّى نظرهم حكم الله في حقّهم وحقّ جميع المكلّفين ، إلّا أنّ إخبارهم معلوم الاستناد إلى اجتهادهم ، وأمّا المشكوك حاله ، المحتمل كونه عن اجتهاد من المخبر وكونه عن حسّه فهو مشمول لهذا الإطلاق ، ولم يثبت له مخرج.
قلت : المخرج عن الإطلاق غير مقيّد بالعلم ، بل نفس الخبر الذي استناده بحسب الواقع إلى الاجتهاد البعيد خارج ، وليس للعلم والجهل مدخل في عنوان المخصّص ، وإذن فالتمسّك بهذا الإطلاق في مورد يحتمل كونه من أفراد المخصّص يكون من باب التمسّك في الشبهة المصداقيّة ، وهو غير جائز على ما تقدّم في بابه.
بقي هنا أمر آخر ربّما يتمسّك به لحجيّة الإجماع المنقول وهو أنّ بعد حجيّة قول الناقل : أجمعت الطائفة ، أو أجمعت العصابة بالنسبة إلى مقدار محسوساته فالذي يمنعنا عن التمسّك بقوله أحد أمرين ، الأوّل : أن يكون قد ادّعى الإجماع المنعقد على الأصل في الفرع ، والثاني : أن يكون فتاوى جماعة حصّلها موجبة لقطعه بموافقة الإمام ، لكونه في حصول القطع خارجا عن المتعارف فيقطع بما ليس سببا للقطع بحسب المتعارف ، فيكون إخبار هذه الجماعة الذي هو مدركه في نقل الإجماع من هذا القبيل.