وأمّا بالنسبة إلى الآثار المترتّبة على الواقع أعني ما هو المخبر به للتواتر فالكلام في نقل التواتر هو الكلام في الإجماع المنقول حرفا بحرف ؛ فإنّ إخباره عن السبب أعني سبب العلم ليس إلّا عن السبب عند نفس الناقل ، ويحتمل كونه سببا عند المنقول إليه أيضا ، ويحتمل عدمه ، وحينئذ فيؤخذ بالعدد الذي هو المتيقّن من كلامه ، فيكون قوله بالنسبة إلى هذا المقدار حجّة ، فإن أفاد هذا المقدار بنفسه العلم للمنقول إليه لو كان محصّلا له يعامل معه معاملة تمام السبب ، وإلّا فيضم إليه من سائر الأمارات والروايات ما يبلغ به تمام السبب.
«فصل»
«في حجيّة الشهرة»
ممّا قيل باعتباره بالخصوص الشهرة ، واستدلّ له بوجهين :
الأول : أنّ الدليل الدال على حجيّة خبر الثقة يستفاد منه حجيّة الشهرة بطريق أولى ، فإنّ حجيّة الخبر يكون من باب إفادته الظنّ ، ولا شك أنّ الظن الحاصل من الشهرة أقوى من الحاصل عن الخبر.
وتقرير ذلك على نحوين :
الأوّل : أن يكون على نحو فحوى الخطاب.
والثاني : أن يكون على نحو القياس الاولوي القطعي وتنقيح المناط ، والفرق أنّه على الأوّل يكون من باب دلالة اللفظ ، وعلى الثاني يكون من باب إسراء الحكم إلى ما وجد فيه مناطه القطعي ، وهذا الوجه بكلا نحويه باطل.
أمّا الأوّل فواضح ؛ فإنّ المعتبر في الفحوى أن يكون المعنى منفهما عند العرف من اللفظ عند إطلاقه ، بل يكون سوق الكلام لأجل إفادته وكان هو المقصود الأصلي كما في قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) فإنّه يفهم منه عرفا حرمة الضرب ، بل ربّما