الخبرين المتعارضين على ذلك.
ففي الاولى : «خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر» وجه الاستدلال أنّ المورد وإن كان خصوص الشهرة في الرواية ، ولكنّ العبرة بعموم اللفظ دون خصوص المورد ، فيستفاد من تعليق الحكم بالشهرة كون الشهرة في حدّ نفسها حجّة وإن تحقّقت في الفتوى.
ومنه يعلم وجه الاستدلال بالثانية ؛ فإنّ فيها : «ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنّما الامور ثلاثة ، أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ حكمه إلى الله ورسوله ، قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك الخ».
فإنّ التعليل بأنّ المجمع عليه لا ريب فيه بعد معلوميّة أنّ المراد به المشهور بقرينة قوله : «ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور» أوضح دلالة على المدّعى من الخبر السابق.
وهذا الوجه أيضا باطل ؛ فإنّ فيه.
أوّلا : أنّ خصوصيّة المورد في أمثال ذلك لها مدخليّة عرفا ، ألا ترى أنّه لو سئل عن أحد عن أحبّ الرمّانين إليه فأجاب بما هو أكبر لا يلزم كون كلّ أكبر أحبّ إليه ولو كان يقطينا؟ ، وكذا لو سئل عنه عن أحبّ المسجدين إليه فأجاب بما كان أكثر جمعيّة ، فلا يلزم أحبيّة كلّ مكان كان أكثر جمعيّة ولو كان سوقا أو خانا.
فكذا مورد السؤال في الروايتين الخبران المتعارضان ، فاجيب بوجوب الأخذ بما اشتهر ، فلا ربط له بما اشتهر من الفتوى بينهم. (١)
وثانيا : سلّمنا أنّ لفظ الجواب عام والحكم قد علّق بمطلق الشهرة ، ولكن
__________________
(١) وحاصل هذا الجواب أنّ الخصوصيّة كون الشهرة في الرواية مأخوذة في الجواب ، ونحن إنّما لا نعتني بخصوصيّة المورد مع كون الوارد عامّا ، لا في مثل المقام ، وهذا الجواب مختصّ بالمرفوعة ولا يجري في المقبولة ؛ لعموم العلّة فيها. منه قدسسره.